حلب, الثلاثاء 21 فبراير، 2023
في اليوم الأوّل من زمن الصوم الكبير، تقيم الكنيستان المارونيّة واللاتينيّة رتبة تبريك الرماد ورشّه على رؤوس المؤمنين أو دهنه ممزوجًا بالماء المقدّس على الجباه. وفي حين يبدأ الصوم في الطقس الماروني مع اثنين الرماد، ينطلق في الطقس اللاتيني يوم أربعاء الرماد. وعند نثر الرماد على رؤوس الحاضرين في الرتبة، يردّد الكاهن: «اذكُر يا إنسان أنّك من التراب وإلى التراب تعود». فما المغزى من هذا الحدث؟ وإلامَ ترمز هذه الرتبة؟
نثر الرماد على جباه المؤمنين أو رؤوسهم عادةٌ مورِسَت منذ العهد القديم، كما فعل مردخاي في سفر إستير مظهرًا كربه وحزنه الشديد. هو أيضًا علامة على التوبة والاتّضاع أمام الله، كما فعل شعب نينوى بعد تنبّؤ يونان بأن الله سيبيدهم بسبب شرورهم، فاستجاب الجميع معلنين التوبة والصوم وارتداء المسوح والرماد.
ينثر الإنسان الرماد على نفسه أيضًا ليعبّر عن موته وفنائه وتلاشيه كالميت الذي يُذَرّ التراب على جثمانه. هي حركة اتّضاع أمام الربّ للتعبير عن التوبة والندامة الحقيقيّة. تُذكّر هذه الرتبة الإنسان بأنه فانٍ لأن ما يُنثَر على الرؤوس ينتج من حرق الخشب أو غيره. من هنا، فإنه يهدف إلى تذكيرهم بأن كل الأمور الأرضيّة ومباهج الحياة زائلة.
وتعكس الرتبة إيمان المؤمن وتوبته وندمه على خطاياه وتقديم روحه إلى الله، خالق الجسد والروح ومصدر الحياة، تأكيدًا للآية: «أَمَّا الذينَ قَبِلوه وهُمُ الذينَ يُؤمِنونَ بِاسمِه فقَد مَكَّنَهم أَنْ يَصيروا أَبْناءَ الله: فهُمُ الذينَ لا مِن دَمٍ ولا مِن رَغبَةِ لَحْمٍ ولا مِن رَغبَةِ رَجُل بل مِنَ اللهِ وُلِدوا» (يوحنا 1: 12-13). فبحسب الكنيسة، كل مؤمن بالمسيح وُلِدَ من الله وإليه يعود.