مثل المرأة الكنعانيّة التي جاءت من ناحية صور وصيدا تلتمس منه بإلحاح شفاء ابنتها. فبعدما امتحن إيمانها بقساوة قال لها: «يا امرأة عظيم إيمانك، فليكن لكِ ما تريدين. ومن تلك الساعة شفيت ابنتها» (مت 15: 28). ومثل قائد المئة الروماني الوثني الذي أرسل بعثة إلى يسوع القادم إلى بيته ليشفي عبده تنقل قوله: «يا سيّدي، لا تتعب لأنّني لست مستحقًّا أن تدخل تحت سقفي... ولكن قل كلمة، فيُشفى فتاي... تعجّب يسوع منه، وقال للجمع: «لم أجد حتى في إسرائيل مثل هذا الإيمان!» وعادت البعثة، فوجدوا العبد المريض قد شُفِيَ (لو 7: 6-7).
4.الإيمان عطيّة من الله، وفضيلة فائقة الطبيعة. هذا ما قاله يسوع لسمعان بطرس عندما أعلن إيمانه في قيصريّة فيلبّس بأنّه «المسيح ابن الله الحي»، فكان جواب يسوع: «طوبى لك يا سمعان بن يونا، فإنّه لا لحم ولا دم أظهرا لك ذلك. لكن أبي الذي في السماوات» (مت 16: 17).
الإيمان لكي يبقى حيًّا يحتاج إلى النعمة الإلهيّة الدائمة. ونحن بالصلاة وممارسة الأسرار وكلمة الله ننعشه ونغذّيه ونعيشه بأفعالنا وتصرّفاتنا وسيرة حياتنا. هو ليس مجرّد تحليل فكري عقلاني. الإيمان هو الأساس لمعرفة أسرار الله. فكم نرى من أشخاص أميّين يعيشون الإيمان أكثر من علماء في اللاهوت.
5.ولكي نعيش آية تسكين الرياح وأمواج البحر لكون الإنجيل ليس مجرّد قصّة من الماضي، بل واقعًا نعيشه مع تبدّل الأشخاص والأمكنة والظروف والأزمان، فيما «يسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد» (عب 13: 8)، لا بدّ من قراءة رمزيّة للنصّ الإنجيلي.
السفينة هي الكنيسة، ومدنيًّا الدولة. التلاميذ هم رعاة الكنيسة، ومدنيًّا المسؤولون السياسيّون. البحر هو العالم بوجهَيْه الفسيح والمحدود. الرياح والأمواج هي الصعوبات والمحن والاضطهادات والثورات والاحتجاجات.
في هذا الواقع الكنسي والمدني، لا خلاص لنا إلّا بيسوع المسيح، مخلّص العالم وفادي الإنسان. وهذا ما أعلنه بطرس بجرأة أمام رؤساء الشعب وشيوخ إسرائيل، بعد شفائه كسيح هيكل أورشليم، إذ قال: «اعلموا جميعكم أنّه باسم يسوع الناصري الذي صلبتموه وأقامه الله من بين الأموات، يقف هذا الرجل أمامكم معافى... فليس إنسان آخر، وليس تحت السماء اسم آخر وُهِبَ للناس، به تجب الحياة» (أع 3: 6/ 4: 10-12).
6.الكنيسة السينودسيّة هي هذه السفينة التي تمخر بحر هذا العالم الهائج بأزمات الحروب وويلاتها، ومآسي الشعوب الفقيرة والمهجّرة والمهاجرة، وبأزمات الإلحاد والإيديولوجيّات والروح الماديّة والاستهلاكيّة التي تشوّه الإيمان وتخنقه في قلوب المؤمنين، وبأزمات التعليم اللاهوتي والأخلاقي المناهض لتعليم الكنيسة.
كل هذه المسيرة السينودسيّة، على مستوى الاستشارات في العالم بالوثيقة التحضيريّة، واليوم على مستوى القارات بالوثيقة الخاصّة بها، وفي تشرين الأوّل على مستوى الجمعيّة العموميّة برئاسة البابا فرنسيس، إنّما تسعى إلى شدّ أواصر الشركة والمشاركة بهدف تحقيق رسالتها بإعلانٍ أفضل وأشمل لإنجيل يسوع المسيح (وثيقة العمل للمرحلة القارّية، 2).
أعاننا الله على ذلك بشفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة لبنان وأمّ الكنيسة. فنرفع المجد والشكر للثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس إلى الأبد، آمين.
تأسست وكالة الأنباء الكاثوليكية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "آسي مينا" في 25 آذار 2022، عيد بشارة السيّدة مريم العذراء، بعد عام واحد على الزيارة التاريخية للبابا فرنسيس إلى العراق. "آسي مينا" جزءٌ من مجموعة CNA/ACI، وهي إحدى خدمات أخبار EWTN.