«أبانا الذي في السماوات، أب الجميع، أرسِل قوّتك لشعوبنا المنكوبة ورحمتك للقلوب المتألّمة».
نعم أحبّائي، إن الله يخاطبنا بكل الطرق وفي كل الظروف، خاطبنا بتجسّده، بإنجيله، بكنيسته من خلال تعاليمها، وهو يخاطب اليوم ضميرنا، ضمير كل إنسان في أعماقه، ويدعونا إلى الخير ورفض كل أنواع الشرّ.
بصوت الضمير الحيّ، نخاطب أبناءنا الموارنة في كل أصقاع المعمورة ونتوجّه إليهم بالمعايدة القلبيّة والروحيّة، مؤمنين ومؤمنات، متمنّين للجميع عيدًا مباركًا غنيًّا بمواهب الروح القدس والفضائل والقيم المارونيّة العريقة والمقدّسة.
معكم نتوقّف عند هويّة مار مارون التي يجب أن نعيشها، وهو مثالنا لأنه رجل صلاة، رجل تضحية، فجعله الله للجميع علامة السماء للأرض.
من هذا المنطلق، أستذكر معكم اليوم أبعاد كنيستنا المارونيّة الخمسة التي يذكّرنا بها المجمع البطريركي الماروني.
البعد الأوّل: هي كنيسة بطريركيّة أنطاكيّة لأن أنطاكية هي مدرسة الانفتاح، وهي أمّ الكنائس، ومار مارون خرّيج روحانيّة هذه المدرسة.
البعد الثاني: هي كنيسة سريانيّة تحمل تراث مار أفرام السرياني ومار يعقوب وسواهم، تراث الروحانيّة النسكيّة العميقة، روحانيّة سرّ المسيح والروحانيّة المريميّة.
البعد الثالث: الهويّة الخلقيدونيّة نسبةً إلى مجمع خلقيدونيا الذي أعلن أن المسيح إنسانٌ بكامل الطبيعة الإنسانيّة وإله بكامل الطبيعة الإلهيّة وبدون ذوبان.
هكذا هي كنيسة مار مارون وتلاميذه بالبُعد الزهدي والنسكي الخلقيدوني، مؤمنة بالمسيح الكامل بإنسانيّته وألوهيّته.
البعد الرابع: كنيسة بطريركيّة، حافظت مع البطريرك الأوّل يوحنا مارون على كاثوليكيّتها واتّحادها مع روما بعد الانشقاقات الكبرى. وبهذا، أصبح البطريرك هو الرأس والأب لكنيسته وفي شركة تامّة مع كرسي بطرس في روما.
البعد الخامس: كنيسة رهبانيّة بامتياز ذات طابع نسكيّ على مثال مارون أبيها، متجسّدة في أرض لبنان حيث كُتِبَ تاريخنا وتراثنا.
(تستمر القصة أدناه)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
كل هذه السنوات كانت كنيستنا في شراكةٍ تامّة مع كنيسة روما الأمّ، وكنّا متجذّرين في هويّتنا وأرضنا ومنتشرين في كل الدنيا على مثال أرزة لبنان الطيّبة الشذا، شلوشها في أرضها ثابتة، وأغصانها ممتدّة في كل المعمورة.
هذا هو أساس ثقافتنا وحضارتنا وهذا أساس كل عمل يجب أن نقوم به، ضمانة للإنسان والإنسانيّة وكرامة الشخص البشري، كنسيًّا، اجتماعيًّا، وطنيًّا وسياسيًّا.
من يجهل جذوره، يَعِش في الفوضى والفساد. ومن يجهل ماضيه، يجهل واقعه ومستقبله. وما عيد مار مارون اليوم سوى تذكير لهويّتنا ودعوة لضمائرنا وجذورنا.
نلتمس من أبينا مارون أن يجعلنا ندرك روحانيّته كي نعيش على مثاله ونحن نحمل بمسؤوليّة اسمه ونمط عيشه. وبه ومعه نمجّد الثالوث القدّوس الآب والابن والروح القدس الآن وإلى الأبد. آمين
كل عيد وأنتم بألف خير.
تأسست وكالة الأنباء الكاثوليكية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "آسي مينا" في 25 آذار 2022، عيد بشارة السيّدة مريم العذراء، بعد عام واحد على الزيارة التاريخية للبابا فرنسيس إلى العراق. "آسي مينا" جزءٌ من مجموعة CNA/ACI، وهي إحدى خدمات أخبار EWTN.