تتأمّل الكنيسة في هذا الأحد في نصّ الدينونة (متى 25: 31-46) الذي سنقاربه اليوم معًا بأسلوبٍ مختلف.
عندما يرغب الإنسان في السفر، يُشترط عليه حيازة جواز سفر يتطلّب نواله مجموعة إجراءات وملء استمارات عدّة والتمتّع بوضعٍ قانوني سليم أي خلوّ سيرته من الموانع القانونيّة أو العوائق العدليّة للسفر.
بالمعنى الروحي، يتمتّع الإنسان بوضعٍ قانوني سليم من خلال سرّ التوبة وعيش حياةٍ دائمة التجدّد مع الله، وهو ما يتحقّق بحياة الصلاة والأسرار والانتماء العميق إلى الكنيسة.
أمّا بالمعنى العملي، فالمطلوب للحصول على تأشيرة الدخول إلى السماء واضحٌ في هذا النصّ ويُختَصر بكلمةٍ واحدة: «الرحمة» التي لا تستلزم بالضرورة أعمالًا جبّارة بل تقتضي أوّلًا وعيًا للاحتياجات البسيطة لمن هم حولنا!
لا يعني هذا أنّ الصلاة لا تجدي بل يدلّ بوضوح على كيفيّة ترجمتها في أعمالٍ تجسّد عمق محبّتنا لله ولصورته بيننا: الإنسان!
كثيرون يخطئون حين يظنّون أنّ الفصل ممكن، في ممارستنا اليوميّة لمسيحيّتنا، بين البعدين الروحي والعملي، فمنذ تجسّد الربّ، توحّد لاهوت الله مع ناسوت الإنسان بشكل أصبح فيه الفصل ما بين الله والإنسان مستحيلًا. وبالتالي، أضحى غير ممكن ادّعاء محبّة الله من دون النظر إلى الإنسان المحتاج، ومن غير الوارد القيام بأعمال الخير بمجّانيّة إن لم يكن الدافع إليها محبّة الله!