بغداد, الاثنين 30 يناير، 2023
«وَصَارَ قَوْلُ الرَبِّ إِلَى يُونَانَ بْنِ أَمِتَّايَ قَائِلًا: قُمِ اذْهَبْ إِلَى نِينَوَى المَدِينَةِ العَظِيمَةِ وَنَادِ عَلَيْهَا لأَنَّ شَرَّهُمْ قَدْ صَعِدَ أَمَامِي» (يون 1: 1-2). يخبرنا الكتاب المقدّس أن الله أمر يونان بأن ينطلق إلى نينوى المدينة العظيمة ويكرز في أهلها بالتوبة والرجوع عن الخطايا. وإذ حاول يونان التهرّب من هذه المهمّة، كان للربّ رأيٌ آخر، فأعاد النبي إلى طاعته لينطلق منذرًا النينويّين بضرورة التوبة. ولمّا سمعوا وعادوا عن طرقهم، قَبِلَ الربّ توبتهم وأزال حُمُوَّ غضبه عنهم، معلنًا محبّته لجميع البشر، وأمام تلك المحبّة الفائضة تغيّر يونان وتاب.
استلهم آباء الكنيسة من سفر يونان وتوبة أهل نينوى صومًا وصلوات مرتكزة على النصّ المقدّس ترشدهم في توبتهم. وقد وضع آباء الكنيسة وملافنتها شروحًا وتفاسير لهذا السفر ونظّموها في قوالب شعريّة ذات معانٍ روحيّة ولاهوتيّة عميقة، ينسب معظمها إلى مار أفرام السرياني ومار نرساي، وغدت لاحقًا صلوات طقسيّة تُتلى في أيّام الصوم المستلهم من قصّة يونان ونينوى، المعروف بصوم الباعوثا الذي يقع بعد الأحد الخامس من الدنح أو ثلاثة أسابيع قبل الصوم الكبير، ومدّته ثلاثة أيّام (من الاثنين إلى الأربعاء)، يتمّ فيها الانقطاع عن الزفرين والصيام حتى الظهر.
وفي الكنائس التي تتبع طقس كنيسة المشرق، للباعوثا طقس خاصّ نظّمه البطريرك إيشوعياب الثالث (649-659 م.) وأقرّه، ويضمّ صلوات يتلوها الكهنة، ومزامير وتسابيح وطلبات يرتّلها الشمامسة والمؤمنون.
صوم الباعوثا... بين الماضي والحاضر