في عصرٍ يكثر فيه التشكّي ممّا لدينا أو الطمع في ما ليس لدينا في حين أنّ القناعة غائبةٌ عن الأذهان والقلوب، ربّما أفضل ما يقوم به المرء ليدرك ما لديه هو تصوّر حياته من دون ما لديه حاليًّا، وعندها سيدرك قيمة الأشخاص الذين يحيطون به أو الأشياء التي يملكها من دون أن يصل إلى مرحلة فقدانها؟!
مجتمعنا يغوص يوميًّا في المشاكل والصعاب ويعاني من الضيقات. لذا، يأتي هذا النصّ ليهزّ كياننا ويدفعنا للابتعاد عن الشكوى من كلّ شاردة وواردة، فما لدينا هو فائضٌ علينا أن نشاركه مع الآخرين إن تخطّينا في تفكيرنا وحياتنا المنطق المادّي الصرف!
بهذا المعنى، يدعونا مثل الوكيلَيْن كي نحيا من جديد بروح العرفان للربّ على عطاياه ونشر روح الشكر على ما لدينا بقناعةٍ وإدراك بأنّ أهمّ ما نملكه هو محبّة الله، فهي الوحيدة التي ستستمرّ بعدما نفقد كلّ شيءٍ حتى حياتنا الجسديّة، وهو ما لخّصته القديسة تريزيا الأفيليّة الكرمليّة بالقول: «من له الله، له كلّ شيء»!
كلّ هذا ينطلق من عيش الأمانة!
ولكن الأمانة وحدها من دون حكمة تفشل في تأدية المطلوب منها على أكمل وجه أو تصبح عرضةً لصعابٍ كثيرة تعوقها عن بلوغ غايتها.
كلّ وكيلٍ في هذه الدنيا معرّضٌ لتجربة الإخلال بالأمانة إن لم تكن لديه الحكمة الكافية للقيام بالخيارات الأسلم والأنسب بالتوافق مع مقتضيات وكالته. فكم بالأحرى إن كان الوكيل مسيحيًّا أو كاهنًا مكلّفين بنشر نور المسيح إلى الناس فالعالم أجمع؟