الموصل, السبت 21 يناير، 2023
لا تقتصر كنيسة مار توما للسريان الكاثوليك الواقعة في الجانب الأيمن من الموصل شمالي العراق على كونها كنيسة تاريخيّة، بل يمكن اعتبارها مركزًا ثقافيًّا مهمًّا، فهذا الصرح المُشيّد في العام 1863 شهد على مدى 160 عامًا حركة إيمانيّة ونشاطات ثقافيّة وكتابيّة لم تتوقّف على الرغم من كل ما مرّ به من أحداث.
منذ العام 1962، تميّزت الكنيسة بكونها مقرًّا لكهنة يسوع الملك، وهي أوّل جماعة كهنوتيّة في العراق تبنّت الحياة المشتركة، وساهمت في تفعيل الأنشطة الشبابيّة والرسوليّة العلمانيّة مثل الحلقات الدراسيّة، والأخويّة المريميّة، والشبيبة الطالبة المسيحيّة، والندوات الجامعيّة، فضلًا عن تأسيس مركز الدراسات الكتابيّة، ودار بيبليا للترجمة والنشر. أضف إلى ذلك إصدار سلسلة الفكر المسيحي منذ العام 1964 والتي تطوّرت إلى مجلّة دينيّة ثقافيّة شهريّة متعدّدة الأبواب، واستمرّت في الصدور من كنيسة مار توما حتى العام 1995، وتولّى إصدارها الآباء الدومينيكان في العراق. وحازت المجلّة في العام 2007 الميداليّة الذهبيّة من الاتّحاد الكاثوليكي الدولي للصحافة UCIP.
كذلك، احتضنت الكنيسة مكتبةً عامرة بالمخطوطات السريانيّة النادرة التي يعود تاريخ بعضها إلى عشرة قرون خلت، وأخرى باللغتَيْن السريانيّة والعربيّة. وضمّت الكنيسة أيضًا متحفًا تراثيًّا زاخرًا بالمقتنيات شكّل أحد معالم الموصل الحضاريّة والأوّل من نوعه فيها. وازدهرت في جناحٍ قرب الكنيسة مدرستان باسم مار توما للبنين والبنات، درس فيها أبناء المدينة من مختلف الطوائف بلا تمييز.