فالتمرّد الإنساني على الله أو على فكرة الله قديمٌ منذ أن اختار آدم وحوّاء درب البعد عن الله واستمرّ نسلهم في سلوك الدرب ذاته حتى أتت «البقيّة الباقية» كمريم ويوسف ويوحنا المعمدان لتكسر حلقة التمرّد وتُرسي دربًا جديدًا من السير خلف الله، وليس في مواجهته، عن إدراكٍ ووعيٍ بأنّ الحياة مع الله أكثر إنسانيّة لأنّ الإنسان -في الأصل- هو صورة الله وليس ضدّ الله!
لقد جمع يوحنا المعمدان في رسالته على الأرض بعدَيْن من أبعاد الرسالة يُختصران بكلمة واحدة: الشهادة!
الشهادة بالقول والفعل هي جزءٌ من دعوة كلّ إنسانٍ مسيحي إذ عليه أن يجمع في حياته ما بين إيمانه النظري والترجمة العمليّة لهذا الإيمان بالأفعال والتصرّفات!
تتطلّب هذه الشهادة الكثير من التواضع والتضحيات والتخلّي عن الأنانيّة في سبيل تحقيق الأفضل!
وقد يصل الأمر إلى حدّ التضحية بالحياة، وهنا نتكلّم عن شهادة الدم أي الاستشهاد!
الشهادة عمليًّا أو حتى الاستشهاد هما صنوان في الحياة المسيحيّة إن اقتضى ذلك وفاؤنا لمخلّصنا الوحيد، ربّنا يسوع المسيح!
نتأمّل اليوم في شهادة يوحنا المعمدان. أمّا في الحياة، فسننتظر شهادة كلّ منّا للربّ في حياته الخاصّة ومع المحيطين بنا ممّن قد تتوقّف محبّة الله في حياتهم على دورنا وأقوالنا وأفعالنا وسلوكنا!
فهل نشهد للربّ يسوع على مثال يوحنا المعمدان في محيطنا وحيثما حللنا؟
يجب أن يشكّل هذا السؤال جزءًا لا يتجزأ من فحص ضميرنا يوميًّا، فنحن لا نعي في كثيرٍ من الأحيان أهمّية الدور الذي أناطه الله بنا حين كلّفنا، منذ معموديّتنا، بعيش البنوّة لله في كلّ ما نقوم به أو نقوله أو نحياه!
الشهادة لابن الله ليست مجرّد كلامٍ أو بعض صلوات نتلوها أحيانًا عن ظهر قلب... هي أوّلًا روحٌ تنبع من داخلنا وحياةٌ نجسّدها في سلوكٍ ملائمٍ لما نصلّيه أو بأقلّ تعديل لما ندّعي أننا عليه أي «مسيحيّون»!
خوري رعيّة سيّدة الانتقال في القبيّات. ناشط في مجالات عدّة، ومن مؤسِّسي مبادرة «صدق». يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي من أجل إيصال الكلمة إلى الجميع، حاملًا فرح المسيح في قلبه وساعيًا من دون كلل إلى تغيير الواقع الراهن من أليم إلى مشرق.