وقال رئيس الأساقفة جورج غانسوين الذي شغل منصب السكرتير الشخصي للبابا الفخري فترةً طويلة إن بنديكتوس استخدم مَشّاية طبّية (ووكِر) لمساعدته على التنقّل.
وصرّح غانسوين لمجلّة «بينيسيري» الإيطاليّة في العام 2016 بأن البابا الفخري «ما عاد يخطّ الكتب. إنّه يملي الرسائل فقط على سكرتيرته».
وأضاف: «إنّه يعيش في شكل طوعيّ كراهب، لكنه ليس أبدًا منعزلًا: فهو يصلّي ويقرأ ويسمع الموسيقى ويستقبل الزوّار ويعزف البيانو».
إلى ذلك، سلّط تقرير تلفزيوني مدّته 30 دقيقة عرضته الشبكة البافاريّة «بي آر 24» في العام 2020 الضوء على الروتين اليومي للبابا الفخري والذي يبدأ كل صباح بالقدّاس عند الساعة 7:30 صباحًا في الكنيسة الصغيرة داخل دير «أمّ الكنيسة»، ويليه وقت يقضيه في مكتبه الذي وُصِفَ بأنّه «شبيهٌ بمكتبة».
رسائل ومداخلات
على الرغم من أنّه ظلّ بعيدًا عن الأنظار إلى حدٍّ كبير، خصوصًا في سنواته الأخيرة التي شهدت تدهور صحّته ببطء، إلّا أن البابا المتقاعد شارك بأفكاره في المواضيع الخلافيّة الرئيسيّة التي تواجه الكنيسة. وبقي بنديكتوس حكيمًا في تصريحاته، وقد بان أنّه لم يفقد أيًّا من عبقريّته اللاهوتيّة على الرغم من عزلته.
وتعود إحدى مداخلاته إلى أبريل/نيسان 2019 عندما أصدر مقالًا عن الكنيسة وأزمة الاعتداءات الجنسيّة، بعد قمّةٍ مهمّة حول هذا الموضوع كان البابا فرنسيس قد دعا إليها في روما في فبراير/شباط من العام نفسه. وأشار بنديكتوس في هذا الإطار إلى أنّه «عمل في موقع المسؤوليّة راعيًا للكنيسة في وقت الانكشاف العلني للأزمة»، ولهذا السبب أراد أن يشارك أفكاره.
وانكبّ بنديكتوس على تحليل الآثار المدمّرة للثورة الجنسيّة وانهيار اللاهوت الأخلاقي الكاثوليكي الذي «جعل الكنيسة غير محميّة إزاء هذه التغيّرات في المجتمع». وقد تحدّث صراحةً عن آثار أزمة الاعتداءات الجنسيّة على الكنيسة. لكنه تطرّق أيضًا إلى أزمة أعمق في العالم الحديث وفي الكنيسة تتمثّل في فقدان الإيمان.
وكتب: «إن وجود كنيسة فضلى، وهي فكرة أوجدناها بأنفسنا، اقتراح من الشيطان يريد من خلاله أن يقودنا بعيدًا عن الله الحيّ، عبر منطقٍ يسهل خداعنا به».
في يناير/كانون الثاني 2020، ساهم بنديكتوس بمقال في كتاب يدافع عن العزوبيّة الكهنوتيّة، واختتم بتأمُّل كلمات يوحنا: «قدِّسهم في الحقّ. كلمتك حقّ. كما أرسلتني إلى العالم، أرسلتهم إلى العالم» (يو 17: 17-18).
وكتب أن هذه الكلمات قادته إلى التفكير في دعوة الكاهن مدى الحياة وفي توحيد نفسه بالمسيح في شكلٍ مستمرّ.
(تستمر القصة أدناه)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في العام 2022، برز اسم البابا المتقاعد في عناوين الصحف في كل أنحاء العالم، بعدما اتّهمه تقريرٌ جرى إعداده بطلبٍ من أبرشيّة ميونيخ بأنّه أساء التعامل مع أربع قضايا اعتداء جنسي منسوبة إلى كهنة عندما كان يشغل منصب رئيس الأساقفة هناك بين عامَي 1977 و1982.
وفي رسالةٍ جاءت ردًّا على التقرير، طلب بنديكتوس شخصيًّا العفو من الأشخاص الذين تعرّضوا لإساءة. وتمّ إرفاق الرسالة بثلاث صفحات جرى فيها دحض الانتقادات الواردة في التقرير، وقد وقّعها أربعة من مستشاري البابا الفخري.
رأي البابا فرنسيس في سلفه
غالبًا ما قام البابا فرنسيس بزياراتٍ لبنديكتوس في مناسبات مهمّة، واصفًا إيّاه بأنّه «جَدُّ جميع الأجداد».
وصرّح البابا فرنسيس في العام 2014: «قلتُ مرارًا إنّه يسعدني كثيرًا أن يعيش هنا في الفاتيكان لأنّ حضوره أشبه بوجود جَدٍّ حكيم في المنزل».
وبقي بنديكتوس في منصب البابا الفخري فترةً أطول من تلك التي قضاها في منصب البابا، كما أنّها مدّةٌ أطول بكثير ممّا توقّعه كثيرون، بمن فيهم البابا المتقاعد نفسه.