إدراج كاتدرائيّة القلب الأقدس في باريس على لائحة المعالم التاريخيّة

كاتدرائيّة القلب الأقدس في باريس كاتدرائيّة القلب الأقدس في باريس | Provided by: Denise Schuld via Unsplash

بعد موافقة بلديّة باريس ولجنة التراث الوطني والعمارة، صنّفت وزارة الثقافة الفرنسيّة كاتدرائيّة القلب الأقدس (ساكري كور) الأثريّة ضمن لائحة «المعالم التاريخيّة»، مُنهيةً بذلك سنوات طويلة من عدم التحرّك وتجميد الطلب المُقدَّم في هذا الخصوص بسبب جدالاتٍ سياسيّة حول رمزيّة هذا الصرح في التاريخ الفرنسي.

ويتيح هذا الاعتراف أعلى مستوى من الحماية للبناء من جانب الدولة على أن يزداد الدعم المالي المقدّم له بمقدار الضعف، وسيعطي الكاتدرائيّة أيضًا دفعة قويّة إلى الأمام نحو إدراجها مستقبلًا في لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.

تُعدّ كاتدرائيّة القلب الأقدس المعلم الديني الأشهر في فرنسا بعد كاتدرائيّة نوتردام، وتقع على تلّة مونمارتر في باريس حيث بإمكان الزائر الصعود إلى قبّتها البالغ ارتفاعها 83 مترًا ليكون في أعلى نقطة فوق العاصمة (أكثر من 200 متر) بعد برج إيفيل، وتتكشّف أمامه المدينة بمشهد خلّاب.

ولا تقتصر أهمّية هذا المعلم على الجانب الديني وإنّما له رمزيّة وطنيّة كبيرة، فقرار البناء جاء ليمثّل كفّارة وطنيّة عن هزيمة فرنسا أمام بروسيا في العام 1870، وعن أحداث كومونة باريس في العام التالي. لكن وجود من يؤيّد كومونة باريس من الفرنسيين باعتبارها ثورة وليست تمرّدًا أثار انقسامًا في المجتمع الفرنسي حول بناء الكاتدرائيّة، وما زال الحديث قائمًا بشأنه إلى اليوم بين مؤيّدي السلطة الحاكمة آنذاك والكنيسة الكاثوليكيّة من جهة، وبين التيّارات الاشتراكيّة والشيوعيّة الفرنسيّة من جهة أخرى، غير أن الحكومة الفرنسيّة اليوم ومعها بعض الأصوات العاقلة، ومنها أصوات كنسيّة، تدعو إلى تجاوز خلافات الماضي والتطلّع قدمًا.

وقد وضع حجر البناء الأوّل للكنيسة في العام 1875 المهندس بول أباديه الذي تجنّب في تصميمها الطراز القوطي، مُفَضِّلًا عليه الروماني-البيزنطي، وقد كُرِّسَت في العام 1919 بعد الحرب العالميّة الأولى، لكن أعمال البناء لم تنتهِ إلا في العام 1923. وبحسب التقليد الكنسي الكاثوليكي، فإن المكان الذي بُنِيَت عليه الكاتدرائيّة مرتبط باستشهاد القديس دينيس رئيس أساقفة باريس وشفيع المدينة مع رفيقَيْه القديسَيْن الكاهن روستيك والشماس إليوثير في القرن الثالث الميلادي.

وما يثير الدهشة في المظهر الخارجي للكاتدرائيّة يكمن في أن أثر الزمن والتلوّث لا يمكن ملاحظته عليها لأن الحجارة المستخدمة في بنائها تفرز مادة الكالسين، فتُكسي الكنيسة بلون أبيض ناصع بعد هطول المطر.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته