القدس, الأربعاء 7 ديسمبر، 2022
على غرار سائر الكنائس الكاثوليكيّة في العالم، تستعدّ كنيسة الأراضي المقدّسة لانطلاقة المسيرة السينودسيّة التي ترنو إلى مشاركة أكبر عدد ممكن من المسيحيين، مكرّسين وعلمانيين، لبلوغ الأهداف المرجوّة من هذا الحدث من خلال الانفتاح والمشاركة بينهم. يتميّز هذا السينودس بأنه أكثر «سينودسيّة» من غيره، وتتمحور موضوعاته وأهدافه حول «الشركة والمشاركة والرسالة»، وهذه هي أساسات كل عمل كنسي جماعي، خصوصًا المجامع المسكونيّة المختلفة، ما يشكّل تحدّيًا كبيرًا.
إن واقع ازدياد أعداد الكاثوليك في العالم أمر جيّد ومفرح. على الرغم من ذلك، ترى الكنيسة في هذا الواقع زيادة في مسؤوليّتها ومهمّةً لا يُستهان بها، خصوصًا في عالمٍ يزاد علمانيّةً يومًا بعد يوم، جاعلًا عددًا كبيرًا من المعمّدين أكثر بعدًا عن الكنيسة وأكثر انشغالًا عن تعاليمها واهتماماتها التي تهدف إلى خلاص نفوسهم.
في سياق متصل، تأتي دعوة البابا فرنسيس إلى المسيرة السينودسيّة استجابةً لهذا الواقع الذي باتت فيه الكنيسة مكانًا لفئة صغيرة من المعمّدين الذين يشاركون في الأعمال الرعائيّة والكنسيّة ويؤثرون بشكل مباشر في عمل الرعايا والمؤسّسات الكنسيّة في حين أن هناك أعدادًا مهولة من المعمّدين غير المكترثين لواقع الكنيسة المحلّية وحتمًا غير المهتمّين بما يجري من أحداث في الكنيسة الجامعة أيضًا. زد على ذلك أن عصرنا الحالي الذي يتميّز بكونه عصر تواصل بامتياز، يجعل ما تتناقله وسائل الإعلام من أخبار مؤسفة بما يختصّ بالكنيسة سببًا إضافيًّا للابتعاد عنها وعن فعاليّاتها.
لقد ألقى الحبر الأعظم مسؤوليّة كبيرة على عاتق جميع الفاعلين في الأُطر الكنسيّة، من أساقفة ورعاة، مكرّسين وعلمانيين، كي يعملوا على الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المشاركين في مسيرة هذا السينودس بهدف تأمين أوسع شركة ممكنة داخل الكنيسة. الأراضي المقدّسة التي شهدت أوائل الأحداث الجماعيّة داخل الجماعة المسيحيّة في بدايات القرن الأوّل من تاريخها، من حدث العنصرة إلى مجمع أورشليم، والتي انبثقت بعدها الإرساليّات إلى شتى أنحاء العالم من خلال الرسل الأوائل تشارك بواقع كنيستها في هذا التحدّي وهذه المسؤوليّة، منطلقةً من مبدأ الانفتاح والدعوة إلى التعاون الكامل بين مختلف الشرائح والفئات داخلها.