1.عندما سأل يسوع تلاميذه: وأنتم، من تقولون أني أنا، ابن الإنسان (الآية 15)، أجاب سمعان-بطرس وقال: أنت المسيح ابن الله الحي! فامتدحه يسوع على إيمانه الذي قبله هبة من الله، حفظها في قلبه وتفاعل معها وعاشها. إن الإيمان والرجاء والمحبّة هبة مثلّثة، مترابطة ومتكاملة. وهي هبة مجانيّة يطلب الله منا أن نقبلها ونعيشها. فمن يؤمن يترجّى، ومن يترجّى يحبّ على ما يقول القديس أغسطينوس. بفضل إيمان سمعان بن يونا الراجي والمحبّ اكتشف الجواب الصواب المختلف عن كل أجوبة الناس، فسمّاه يسوع صخرة أي Petros باليونانيّة، وكيفا بالآراميّة، يبني عليها كنيسته. هذه الكنيسة تنمو وتصمد على صخرة إيمان أبنائها وبناتها.
2.يسعدنا أن نحتفل معًا بأحد تقديس البيعة وتجديدها، وببدء السنة الطقسيّة. فيها تدور الكنيسة حول محورها سرّ يسوع المسيح في سنة كاملة مقسّمة إلى أزمنة، فتستنير بنوره، وتتقدّس بنعمه وتغتذي على مائدتَيْه: مائدة كلامه الحيّ، ومائدة جسده ودمه.
3.إن كنيسة المسيح المبنيّة على أساس الإيمان هي في مثابة الصخرة التي تُبنى عليها بيوتنا لكي تصمد بوجه الأمطار والعواصف والفيضانات. إيمان سمعان بن يونا هو هذه الصخرة الروحيّة التي بنى الربّ يسوع عليها كنيسته. وإنها لتثبت إلى الأبد بقوّة إيمان أبنائها وبناتها الذي ينقله إليهم بالكرازة والتعليم أساقفتها وكهنتها، وعلى رأسهم الحبر الأعظم خليفة القديس بطرس على كرسي روما، والبطاركة رؤساء الكنائس التي أسّسها الرسل في عهدهم، وهي أورشليم والإسكندريّة وأنطاكية والقسطنطينيّة.
4.إعلان سمعان-بطرس الإيماني: أنت المسيح ابن الله الحي (متى 16: 16) يتضمّن كل المفاهيم الكتابيّة في العهد القديم مع البعد اللاهوتي. أنت المسيح أي الذي اختاره الله، ومسحه بروحه القدّوس وأرسله: نبيًّا بامتياز لأنه يعلم كلمة الله، وهو الكلمة إيّاها. وكاهنًا بامتياز لأنه هو الذبيحة ومقرّبها. وملكًا بامتياز لأنه هو الملك والملكوت الذي يدخل إليه كل المؤمنين الملتزمين بتعليمه والمنفتحين على نعمته. وأنت ابن الله هذا الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس الذي تجسّد من مريم العذراء بقوّة الروح القدس وصار إنسانًا، ومات على الصليب لفداء خطايا البشر، وقام من الموت ليبثّ الحياة الجديدة في حياة البشر.
أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء،
5.عدتُ بالأمس إلى لبنان بعدما شاركت في ملتقى البحرين للحوار الذي عُقِدَ برعاية الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، بدعوة رسميّة من رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلاميّة. وكان الموضوع: الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني. وطلب إليَّ الكلام عن الموضوع بالتركيز على اختبارات الحوار في لبنان. وكانت مناسبة للقاء الملك والبابا فرنسيس الذي لبّى دعوة الملك لاختتام أعمال المؤتمر، وعقد لقاء مع العلماء المسلمين، وقد ترأس من بعدها صلاة مسكونيّة في كاتدرائيّة سيّدة العرب. واحتفل صباح أمس بقداس احتفالي في مدرج المدينة، واليوم يتابع نشاطه بلقاء الشبيبة والإكليروس، إنا نرافقه بصلاتنا كي يحقّق الله أمنياته ويعطيه الصحّة الكاملة لمواصلة رسالته.