بيروت, الجمعة 4 نوفمبر، 2022
شدّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في مداخلته التي ألقاها في «ملتقى البحرين للحوار: الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني» في عاصمة البلاد المنامة، على أن هذا التعايش يقتضي التزامًا دوليًّا وإقليميًّا وداخليًّا بوضع حدّ للأوضاع الخطيرة التي تذكرها وثيقة الأخوّة الإنسانيّة، مثل التطرّف الديني والقومي والتعصّب، سواءٌ في الغرب أم الشرق، لافتًا إلى أن الكل في وضع عالمي تسيطر عليه الضبابيّة وخيبة الأمل والخوف من المستقبل، وتتحكّم فيه المصالح الماديّة الضيّقة، فضلًا عن الأزمات السياسيّة الطاحنة، والظلم وافتقاد عدالة التوزيع للثروات الطبيعيّة، ما ينتج أعدادًا هائلة من المرضى والمعوزين والموتى، وأزمات قاتلة تشهدها دولٌ كثيرة.
وتناول ما قام به البابا فرنسيس في مسيرة الحوار المسيحي-الإسلامي، من توقيعه وثيقة الأخوّة الإنسانيّة من أجل السلام العالمي والعيش المشترك في 4 فبراير/شباط 2019 مع شيخ الأزهر أحمد الطيّب، وصولًا إلى رسالته العامّة «كلّنا إخوة» التي أكد فيها أن الحوار بين أشخاص من ديانات مختلفة لا يتحقّق بالدبلوماسيّة والتسامح بل بالصداقة والسلام وتقاسم القيم والممارسات الأخلاقيّة والروحيّة بروح الحقيقة والمحبّة والانفتاح على الله، وبالتالي الأخوّة الشاملة لتأمين تعايش إنساني سليم.
وتطرّق الراعي إلى تعثّر العيش المشترك في لبنان حاليًّا، عازيًا السبب إلى أن «الولاء للبنان دون سواه» لدى البعض من شعبه لم يواكب قاعدة «لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه»، كما تعلنه مقدّمة الدستور.
واعتبر أن موضوع ملتقى الحوار وأبعاده يحتاج إلى روح أي الحبّ والرحمة كي لا يبقى في إطار الأكاديميّات، مضيفًا: بالحبّ أنت تعكس وجه الله، فلا تميّز في الناس بين مستحق وغير مستحق بل ساوِ بينهم لكي تحبّهم وتخدمهم. ربّنا المسيح اشترك في مائدة العشّارين والخطأة، وما نبذ عنه غير المستحقّين. وبذلك علّمنا ألا ننبذ أحدًا لأنّه أخ لنا يشترك في الطبع البشري نفسه. إنّنا بحبّنا نصلحه. أمّا الرحمة، فاجعل كفّتها في ميزانك راجحة، حتى تحسّ في نفسك بتلك الرحمة عينها التي يكنّها الله للعالم في ذاته.