مع سيّدنا صاحب الغبطة، نحن نلبّي اليوم دعوتين؛ أوّلًا الدعوة إلى مؤتمر ملتقى الحوار الذي يحمل عنوان «الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني» والذي سيحضره قداسة البابا فرنسيس، ونصلّي من أجل نجاح هذا الملتقى كما نصلّي من أجل صحّة قداسة البابا كي يواصل رسالته.
نحن اليوم معكم كي نشارك قداسة البابا في زيارته التي تبدأ مساء يوم الخميس، وهذه مناسبة جميلة أن نلتقي بكم وجهًا لوجه ونتعرّف إليكم ونعبّر عن فخرنا بكل الإنجازات التي تقومون بها، ونحن سعيدون بأن يكون سيادة المطران جوزف نفاع والذي هو نائب بطريركي عام في منطقة جبة بشري وإهدن زغرتا، وأيضًا مدبّر بطريركي لبلدان الخليج، ينقل إلينا أوضاع الجالية اللبنانيّة عامة والمارونيّة خاصّة، كما يقدّم تقارير مفصلّة تتحدّث عن حضورنا في دول الخليج، أشكره على الجهود وأحيّي الكهنة والمطارنة كما أحيّي جميع الآباء الكبّوشيين، وجميع الرهبانيّات التي تخدم في المنطقة.
أريد أن أتوقف معكم للتأمل في الكلمة الروحيّة، وهي كلمة إبراهيم الصوت الإلهي إلى ذلك الغني عندما طلب منه أن يعود لعازر ليُخبر إخوته الخمسة أنهم يسيرون على الطريق الخطأ وينبّههم، فيجيبه أن عندهم موسى والأنبياء، أي الكنيسة اليوم التي تعلّم كلام الله، وعندما قال له الغني إنه إذا أرسل لعازر سيصدقّون، أجابه أنه حتى لو قام أحد الموتى فلن يصدّقوا، ما يعني أن حياتنا مبنيّة على الإيمان، وإذا لم يوجد الإيمان في قلبي، فكل الكلام حبر على ورق. فالكنيسة تعطينا كلام الله في كل مرّة نلتقي في القداس، وتعطينا وليمة جسد ودم المسيح لبثّ الحياة فينا، كما يحاكينا الله من خلال الكنيسة في ضمائرنا.
الغني لم يصل إلى الهلاك لأنه غني، فالغنى هو عطيّة وبركة من الله، هو وصل الى الهلاك لأنه أساء استعمال عطيّة الله، اعتبرها له فقط، وهذا غير صحيح، فالكنيسة تعلّمنا في العقيدة الاجتماعيّة أن كل ملكيّة خاصّة عليها رهن اجتماعي، أي يجب أن أشاركها، فقيمة الحياة أن نتقاسم.
المبدأ الثاني الأساسي في هذا الموضوع هو فضيلة التضامن، أي كلنا مسؤولون عن كلنا؛ هذان الأمران هما أساس تعليم الكنيسة الاجتماعي، والمهمّ أن الانسان لا يمكنه أن يعيش لنفسه، وأنتم اليوم صحيح أنكم تعملون وتجنون المال، لكنكم تقولون يا ليتنا في وطننا. فأنتم هنا تتعبون من أجل عائلاتكم ووطنكم، وهذا ما يذكّرنا فيه القديس أغسطينوس ويقول لنا: أنتم في هذا العالم كمن يشاهد عملًا مسرحيًّا، لا يمكنكم حجز المكان كله، فالمكان متاح للجميع، وقيمة الحياة هي كيف أعطي وماذا أعطي، وعلينا مشاركة الغير، وهذا مختصر الإنجيل.
وأخيرًا، أكرّر أنه كما قيل إنه ولو قام أحد من الموت، فلن يصدّقوا لأنهم يفتقرون للإيمان، لا شيء ينفع إذا خسرنا الإيمان، فالإيمان ينفي عنا الكبرياء وينتزع منا الاكتفاء الذاتي، ويعلّمنا الانفتاح على الله وعلى الناس.