بيروت, الثلاثاء 1 نوفمبر، 2022
لا تتطلّب القداسة أعمالًا عظيمة أو خارقة، إنما قلبًا نقيًّا وسعيًا مستمرًّا من أجل تجسيد محبّة الله والقريب في الحياة. هكذا عاش القديسون الأطهار والشهداء الأبطال حتى النفس الأخير، ففاح بخور طهرهم من حولهم، ووصل حدود السماء. طوبى لهم لأنّهم احتملوا بإيمان راسخ كل الآلام التي أنزلها بهم الآخرون وغفروا لهم من كل قلبهم وعقلهم، وهم أيضًا نظروا في أعين المهمّشين وقدّموا لهم كل دعم وخدمة، ورأوا الله في كل إنسان وكافحوا كي يلتقي به الآخرون أيضًا.
لأنّ الكثير من القديسين غير معروفين أو معلن عنهم، أقرّ البابا بونيفاسيوس الرابع تذكارًا لهم. كما حوّل هيكل الأوثان في روما، المعروف بالبانتيون، إلى هيكل مسيحي ثمّ كرّسه معبدًا لإكرام العذراء مريم وجميع الشهداء، ونقل إليه رفاتهم، وعيّن لهم عيدًا، وأطلق عليه اسم «عيد جميع القديسين» في 12 مايو/أيّار ما بين 609 و610. في العام 837، زار البابا غريغوريوس الرابع فرنسا، فأدخل هذا العيد إليها، وحدّد الاحتفال به في اليوم الأوّل من نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام.
عندما نتأمل في حياة هؤلاء القديسين، نكتشف أن ما يميّزها كونهم سعداء حقًّا. لقد أدركوا بفضل قوّة إيمانهم سرّ سعادتهم الحقيقيّة الساكنة في أعماق النفس: «أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقوّيني» (في 4: 13). فالقداسة إذًا هي أسلوب عيش يقرّبنا من يسوع المسيح، ويجعلنا أكثر اتحادًا به وبالقريب، ويشجّعنا كي نموت عن كل ما يفرّقنا، ونحن نمضي في البحث باستمرار عن أساليب جديدة من أجل التقدّم في إغناء حياتنا الروحيّة.
إن الدعوة إلى عيش القداسة موجّهة إلينا جميعًا! لنطلب إذًا معًا هذه النعمة، ونعمل متّحدين من أجل نيلها عن استحقاق، مرنّمين مع أمّنا مريم العذراء وجميع القديسين أنشودة الرجاء ونقاوة الروح في جوار إلهنا يسوع المسيح، له المجد والتسبيح إلى أبد الآبدين. آمين.