بيروت, الأحد 30 أكتوبر، 2022
بعد الحرب العالميّة الأولى، حدّد البابا بيوس الحادي عشر في 11 ديسمبر/كانون الأوّل 1925 الاحتفال بعيد يسوع الملك في الأحد الأخير من أكتوبر/تشرين الأوّل من كل عام. وهكذا نتذكّر معًا يسوع المسيح ملك الملوك الذي أحبّنا حتى إنه بذل نفسه لأجلنا، وبهذا جعلنا ندرك كنه مملكته الحقيقيّة التي ليست من هذا العالم.
«أجاب يسوع: ليست مملكتي من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لدافع عنّي حرسي لكي لا أُسلم إلى اليهود. ولكن مملكتي ليست من ههنا. فقال له بيلاطس: أنت إذًا ملك! أجاب يسوع: أنتَ تقول إنّي ملك. وأنا ما وُلِدْتُ وأتيتُ العالم إلّا لأشهد للحقّ. فكلُّ من كان من الحقّ يصغي إلى صوتي» (يو 18: 36-37).
لننطلق في عيد يسوع ملك الكون متأمّلين في كلمته أمام الحاكم الروماني بيلاطس البنطي، ممثّل السلطة الرومانيّة، فيحضّنا المسيح على البحث في أغوار مملكته الحقيقيّة التي لا تشبه ممالك هذا العالم وسلاطينها. كما أنّه يؤكّد لنا، من خلال موقفه هذا، جوهر رسالته، وهو إظهار قوّة الحقّ وليس حقّ القوّة. ومن انتظر من المسيح سلطة زمنيّة، لم يكن على صواب إذ «ليس ملكوت الله أكلًا وشربًا، بل برّ وسلام وفرح في الروح القدس» (رو 14: 17).
لمّا بدأ يسوع رسالته التبشيريّة على هذه الأرض، لم يضع برنامجًا دنيويًّا، إنّما قال بوضوح: «توبوا، فقد اقترب ملكوت السماوات» (مت 3: 2). وهكذا علّم تلاميذه أن يطلبوا في صلاتهم حلول الملكوت. هذا ما تقوم عليه المسيرة نحو يسوع، وما يجب أن نبحث عنه في كل حين. لن نكون غرباء عن مملكة المسيح إذا سمعنا صوته وولدنا مجدّدًا، وتسلّحنا ببساطة الروح، ونزعنا من القلب كل ما يفصلنا عن محبّة الله. فيسوع الملك لا يريد كلامًا وحسب، بل الأعمال الصالحة، والجهود الشجاعة كي نستحق إكليل مجده الأبدي.