أكدت الجهات المشرفة على إعادة إعمار كنيسة الساعة في الموصل أنّ أعمال الترميم والتشييد ستنتهي في خلال الأشهر القليلة المقبلة. والكنيسة التي شهدت خرابًا ودمارًا في فترة سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية تبعد بضعة أمتار عن جامع النوري الكبير الذي أعلن فيه داعش سيطرته على المدينة.
كنيسة اللاتين للآباء الدومينيكان، أو كما تُسمّى «كنيسة الساعة»، هي صرحٌ كاثوليكي يُعَدُّ من أقدم كنائس الموصل وأحد أهمّ معالمها التراثيّة والدينيّة، ويعود تاريخ بنائها إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، تحديدًا إلى العام 1866، لتكون مركزًا للآباء الدومينيكان في العراق.
تعرّضت الكنيسة التي تُعْتبَرُ من أهمّ المعالم المميّزة في المدينة لأعمال تخريب بعد دخول تنظيم الدولة الإسلاميّة إلى مدينة الموصل في العام 2014، بحيث تحوّلت من منارة للعلوم والثقافة إلى مخزن للأسلحة ومعتقلٍ للتعذيب. وسرق المتطرّفون محتوياتها الأثريّة، ومنها جرسها وساعتها الشهيرة ذات الأقراص الأربعة التي أهدتها زوجة الإمبراطور نابليون الثالث إلى الآباء الدومينيكان في المدينة. وكان الحيّ والكنيسة قد سُمّيا تَيمُّنًا بهذه الساعة.
تُعَدُّ الكنيسة التي بُنيت على الطراز الروماني البيزنطي مركزًا ثقافيًّا وأكاديميًّا في المدينة إذ شُيّدت فيها أوّل مدرسة لتعليم الفتيات وأوّل مطبعة في العراق طُبِعَت فيها النسخة الأولى للكتاب المقدّس باللغة العربيّة، إضافة إلى توفيرها الكثير من الخدمات الصحّية والفنّية.
في هذا السياق، أكد الأب أوليفييه بوكيلون، من رهبنة الدومينيكان والقائم على أعمال إعادة الإعمار في الكنيسة، لـ«آسي مينا» أنّه مكان لقاء ومفترق طرق بين الثقافات واللغات والأجيال.
وعن المسيحيّين في الموصل، قال: «المسيحيّون ليسوا منفصلين عن البقيّة، بل إنّهم جزء من الحلّ في البلاد ومُكَوِّنٌ أساسي في العراق، إذ لا يزال بإمكانهم تأدية دور مهمّ في تعزيز قيم العيش المشترك بين مختلف مكوّنات المجتمع».
بعد سنواتٍ عدّة على تحرير الموصل، طالب أهاليها بترميم هذه الكنيسة، لما لها من رمزيّة دينيّة وحضاريّة في المدينة. وانطلقت حملة الترميم مطلع العام الماضي، بدعم مالي من الإمارات العربيّة المتحدة وإشراف اليونسكو وجهاتٍ حكوميّة محلّية.
وتمثّلت أولويّة حملة الترميم في تطهير الموقع من الذخائر غير المنفجرة، ثمّ أُعِدَّت الخطّة التفصيليّة لإعادة الإعمار وتمّت الاستعانة بالكثير من الخبراء المحلّيين لاستكمال المراحل المتبقّية، ومنها إعادة ترميم سور الكنيسة الخارجي وإعادة تأثيث الكنيسة.
وقال صهيب، وهو أحد المهندسين المشرفين: «إنّ أعمال الترميم في الكنيسة في مراحلها الأخيرة وستنتهي بحلول العام المقبل».
ينتظر أهالي الموصل استكمال عمليّات الترميم في هذه الكنيسة العريقة لتعود صرحًا حضاريًّا ورمزًا للعيش المشترك بين مختلف أطياف المجتمع وكي يعود السكّان المسيحيّون إلى المدينة.
رئيس تحرير مرحليّ في «آسي مينا» وكالة الأنباء الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
إعلامي وصحافي ومقدّم برامج تلفزيونيّة، معروف أيضًا باسم «زين أنور».
الأكثر قراءة
1
2
3
4
5
اشترك في نشرتنا الإخبارية
رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته
كنيسة البشارة للسريان الكاثوليك في الموصل هي من الكنائس التي دُمِّرَتْ في فترة سيطرة تنظيم الدولة الإسلاميّة على هذه المدينة في شمال العراق.
وقد أُعيد ترميم تلك الكنائس لتستقبل المؤمنين مجدّدًا، وباتت الصلوات تُرْفَع فيها بشكلٍ مستمرّ، كما كان المسيحيّون قد اعتادوا أن يفعلوا سابقًا.