بيروت, الخميس 20 أكتوبر، 2022
وُلِدَت تريزا دي أهومادا في العام 1515 في مدينة آفيلا الإسبانيّة. ترعرعت على حبّ التقوى والإيمان المسيحيّ، وبلغ فيها حدّ الحماسة إلى أنها أقنعت أخاها الأكبر منها سنًّا، وهي في السابعة من عمرها، بالتوجّه إلى بلاد المغاربة، مبتغيةً بذلك أن يموتا شهيدَيْن حبًّا بالمسيح، لكن عمّهما فرنسيسكو التقى بهما صدفة، وأعادهما إلى البيت. ولمّا وبخهما على عملهما، أجابته تريزا: «كنت أريد أن أرى الله، ولكي أراه كان يجب أن أموت». لمّا توفيت أمّها، وهي في الثالثة عشرة من عمرها، حزنت كثيرًا، وسألت العذراء أن تكون من الآن فصاعدًا أمّها.
ابتعدت تريزا في سنّ المراهقة عن الكنيسة والصلاة والمشاركة في القداس، وانشغلت بالأمور الدنيويّة. كما أدمنت على مطالعة سير الفروسيّة والحبّ. شعر والدها عندئذٍ بالمخاطر التي تحيط بابنته، فقرّر إرسالها إلى مدرسة داخليّة للراهبات الأوغسطينيات في دير سيّدة النعم. وما إن عادت تريزا إلى حياة التقوى والصلاة حتى أخذت تتأرجح بين خيارَيْن، هما: الله والعالم. بعد مرور سنة ونصف السنة، أُصيبت بالمرض، فعادت إلى بيت العائلة. وبعد تفكير عميق، أيقنت تريزا «أن كلّ شيء عدم، والحياة قصيرة وزائلة!» رغبت حينها بترك العالم والترهّب.
دخلت تريزا إلى دير التجسّد الكرملي في مدينة آفيلا، عازمةً على أن تعيش لله وحده. لكنها تفاجأت هناك بسهولة الحياة الرهبانيّة إذ إن الراهبات يعشن حياة الرخاء، وبكلمة مختصرة، تتميّز حياتهن بالتقوى العاديّة مثل أيّ مسيحي آخر، وما يميّزهن عن غيرهن حياة البتوليّة فقط. فأخذت تريزا تتساءل: «أين التجرّد في الحياة الرهبانيّة؟ أين الإماتة والتواضع؟ أين التفرّغ المطلق لله والصلاة؟» لكن الربّ أعدّ لها دورًا مهمًّا إذ بدأت بإصلاح الرهبنة الكرمليّة، وأسّست أديرة أخرى، بلغ عددها 17 ديرًا.
رقدت تريزا بسلام في العام 1582، وهي تردّد: «في النهاية، أموت كابنة الكنيسة»... «لقد آن الأوان يا عريسي لنرى بعضنا». أعلنها البابا بولس الخامس طوباويّة في العام 1614. كما رفعها البابا غريغوريوس الخامس عشر إلى مصاف القديسين في العام 1622. ثمّ، أعلنها البابا بولس السادس معلّمة الكنيسة في العام 1970.