بيروت, الأربعاء 12 أكتوبر، 2022
عرفت العصور الأولى بعد المسيح الكثير من الأبطال الذين استشهدوا حبًّا بالمسيح وإيمانًا بكلمته، صخرة الحياة. من هؤلاء نذكر القديس الشهيد طراخوس «إدنا»؛ هو من كيليكيا، وكان جنديًّا في الجيش الروماني. ذات يوم، بعد مرور سنوات عدّة في الخدمة العسكريّة، قرّر مع اثنين من أصدقائه، وهما بروبس وأندرونيكس، ترك الجنديّة، إراحةً لضميرهم كي لا يقتلوا أناسًا أبرياء.
في تلك الحقبة، عانى المسيحيّون الاضطهاد الشديد على يد الحاكم الوثني نوميريانوس، فأمر جنوده بإلقاء القبض على طراخوس ورفيقَيْه. ولمّا وقفوا أمامه، سأل كلّ واحد منهم عن اسمه ومهنته، فأجابوه أنّهم مسيحيّون. من ثمّ، طلب منهم السجود وتقديم الذبائح للأوثان، فرفضوا بقوّة، معلنين بالصوت الواحد أنّهم لا يقدّمون الذبائح والقرابين إلّا لله، وله وحده يليق كلّ فعل سجود وإكرام، وليس للأصنام الخرساء أو الأخشاب والحجارة.
حينئذٍ، غضب الحاكم بشدّة، وقرّر تعذيبهم بأعنف الطرق من دون رحمة لأنّهم لم يخضعوا لأوامره، واختاروا السير في درب الجلجثة، درب المسيح المنتصر على الموت. وكانت البداية مع القديس طراخوس الذي قام الجنود بفكّ أضلاعه وقطع أذنيه، وتابع فنون التعذيب مع رفيقَيْه. بعد أيّام عدّة، عاد الحاكم وأحضرهم كي يكمل مشهد جلدهم، وألقاهم للوحوش المفترسة التي قضت عليهم، فنالوا إكليل الشهادة.
بعد استشهادهم، جاء مسيحيّون إلى ذلك المكان، وقاموا برفع بقاياهم، ودفنوها سرًّا في إحدى المغاور في الجبال. كان ذلك في العام 304. وعُرِفُ منذ ذلك الوقت القديس الشهيد إدنا بأنّه شفيع مرضى الأذن.