بيروت, الخميس 6 أكتوبر، 2022
وُلِدَ توما في الجليل واختاره الربّ من جملة الاثني عشر تلميذًا (مت 10: 3). وعُرِفَ هذا الرسول في إنجيل يوحنا من خلال ثلاثة مواقف بارزة له؛ يجسّد موقفه الأوّل محبّته العميقة للمسيح حتى أبعد حدود، فهو عبّر عن استعداده للموت معه، لمّا قال للتلاميذ حين أراد المعلّم أن يمضي ليقيم لعازر: «لنذهب نحن أيضًا لكي نموت معه!» (يو 11: 16). أمّا موقفه الثاني، فبرز لمّا سأل يسوع ليلة العشاء السرّي، قائلًا له: «يا سيّد، لسنا نعلم أين تذهب، فكيف نقدر أن نعرف الطريق؟» قال له يسوع: «أنا هو الطريق، والحقّ، والحياة» (يو 14: 5-6).
ولمّا ظهر المسيح للرسل بعد القيامة، لم يكن حينها توما معهم. وحين حضر، قالوا له: «قد رأينا الربّ. فقال لهم: إن لم أبصر في يديه أثر المسامير وأضع إصبعي في آثارها كما أضع يدي في جنبه لا أؤمن». صوّر في موقفه الثالث واقع الشك لبلوغ الحقيقة. بعد ثمانية أيّام، عاد المسيح إليهم، وتوما معهم وقال له: «هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي، وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنًا». أجاب توما وقال له: «ربّي وإلهي!» قال له يسوع: «لأنك رأيتني يا توما آمنت! طوبى للذين آمنوا ولم يروا» (يو 20: 26-29). ولمّا حلّ الروح القدس في العلّية على الرسل، انطلقوا بعدها من أجل إعلان البشارة.
وصل توما إلى الهند حيث عمل خادمًا لدى أحد أصدقاء الملك لوقيوس. وبينما هو في القصر، راح يبشّر حتى آمن أهل بيت لوقيوس بالله. لم يعجب ذلك الملك، وبدأ يعذّبه ويجلده. ولمّا رأت امرأة لوقيوس ما حصل، سقطت ميتة، إنّما توما شفاه الربّ. أتاه لوقيوس حينها قائلًا له: «ان أقمْتَ زوجتي، آمنتُ بإلهك!» عندئذٍ، أقامها توما من الموت باسم يسوع. لمّا أبصر زوجها ما حدث، سجد للمسيح مع معظم أهل المدينة، كما عمّدهم الرسول، وبنى أيضًا كنيسة، وعيّن فيها أسقفًا ورسم كهنة، ومضى إلى مدينة قنطورة مبشّرًا بالمسيح.
بعدئذٍ، جاء إلى مدينة بركيناس وغيرها، ناشرًا الإيمان فيها، فرمى الملك به في السجن. ولمّا وجده يعلّم السجناء طريق الربّ يسوع، أخرجه وعذّبه من دون رحمة، ومن ثمّ قطع رأسه، فنال إكليل المجد ودُفِنَ في مليبار، ونُقِلَ جسده إلى الرها.