1.في سياق حديث الربّ يسوع عن نهاية العالم ومجيئه الثاني بالمجد ديّانًا، استعمل صورة النسور التي بتحليقها في الفضاء تشمّ رائحة الجثّة، فتتحلّق حولها للدلالة على أن المؤمنين والمؤمنات الذين يسمون بالفضائل يعرفون المسيح الآتي في حياتهم اليوميّة ومكان وجوده، وكذلك الأبرار والقدّيسون في مجيئه الثاني بالمجد.
2.ترمز "الجثّة" إلى آلام المسيح، "الحمل الذي سيق إلى الذبح" (أشعيا 53: 7). عند مجيئه الثاني، كما في مجيئه اليوميّ في سرّ القربان، يجتمع القدّيسون كالنسور حول مذبحه ويرتفعون بذبيحته إلى عرش الحمل المذبوح في السماء. فالنسور يمثّلون القدّيسين الذين حلّقوا بفضائلهم وقداسة حياتهم إلى أعالي السماء. نقرأ في كتاب المزامير: "القدّيسون يتجدّد شبابهم كالنسور" (مز 103: 5). فلا بدّ عند الاحتفال بالذبيحة القربانيّة من التخشّع مدركين حضور القدّيسين حول المذبح، فنضمّ قرابين أعمالنا الصالحة إلى القربان الإلهيّ، ونسمو معهم إلى قمم الروح بالفضائل الإلهيّة والإنسانيّة.
3.إنّ اللقاء بالمسيح ورؤيته يقتضيان من كلّ مؤمن ومؤمنة الارتفاع إلى قمم الروح، قمم الإيمان والصلاة والأخلاق. لا يستطيع المنغمس في المسائل الدنيويّة والأنانيّة والكبرياء واللاأخلاقيّة أن يلتقي المسيح ويصغي إلى صوته ويلتمس نعمة خلاصه، ما لم يَسْمُ بفضائل الإيمان والرجاء والمحبّة، وبالفضائل الإنسانيّة.
4.تحتفل الكنيسة اليوم بأحد الورديّة، وجرت العادة التقويّة بتلاوة مسبحة الورديّة، كلّ يوم وطوال شهر تشرين الأوّل الذي بدأ. في ختام هذه الليتورجيّا الإلهيّة، سنصلّي مسبحة الورديّة سويًّا، مخصّصين كلّ بيت من أبياتها للتأمّل في سرّ من الأسرار الأربعة: الفرح والنور والألم والقيامة، وننهي بزيّاح العذراء. وتستطيعون تلاوتها معنا كلّ مساء كالعادة الساعة السادسة عبر محطّة تيلي لوميار-نورسات وفيسبوك.
5.يسعدنا أن نحتفل معًا في هذه الليتورجيا الإلهيّة التي نختتم بها، بالشكر لله على الفترة التي قضيناها في كرسينا البطريركي في الديمان على مشارف الوادي المقدّس، ومقرّ سيّدة قنّوبين البطريركي حيث عاش عدد كبير من بطاركتنا مع أساقفة طوال 400 سنة، في عهد العثمانيّين، من سنة 1440 إلى 1840 قبل الاستقرار في بكركي والديمان. فكنّا نتأمّل مع زائرينا كم ضحّوا وناضلوا وصمدوا من أجل حماية ثلاثة: الإيمان والحريّة والاستقلاليّة. وهي أسس بُنِيَ عليها لبنان، وتشكّل مصدر قيمه الروحيّة والثقافيّة والأخلاقيّة والوطنيّة.
ويطيب لي أن أحيّيكم جميعًا مع الترحيب، بفوج كشّافة لبنان في بلدة حرف أرده العزيزة التي زرناها مؤخّرًا وباركنا لهذا الفوج بيوبيله الذهبي، إنّنا نجدّد لهم التهاني ونشكر مرشدهم الخوري يوسف جنيد على مرافقته الروحيّة والتوجيهيّة لهم.