بيروت, الثلاثاء 27 سبتمبر، 2022
وُلِدَ أبو الفقراء القديس منصور دي بول في 24 أبريل/نيسان من العام 1581 في قرية صغيرة في فرنسا. تميّزت عائلته بالتقوى. كما غرست الطبيعة في كيانه روح التواضع، بينما كان يرعى في أحضانها مع أبيه الغنم والأبقار. أحبّ البساطة، وكذلك الفلاحين والفقراء.
دخل منصور إلى المدرسة في الثانية عشرة من عمره، وتعلّم قواعد اللغتين الفرنسيّة واللاتينيّة. أعجب عمّه الكاهن بتميّزه في العلم. ذات يوم، أراد أيضًا اختبار طاقته في حقل الخدمة والمحبّة، فأخذه معه إلى أحد المستشفيات، وقد نجح منصور في مساعدة المرضى وبلسمة جروحهم والإصغاء إليهم.
سمع القديس منصور نداء الربّ يصرخ في أعماقه، فقرّر عندئذٍ ترك كلّ شيء من أجل الدخول إلى الإكليريكيّة. انكبّ بقلب مفعم بالمحبّة والنشاط على الدرس وممارسة الفضائل السامية. حصل على الدرجات الكهنوتيّة الأولى في السادسة عشرة من عمره. كما تابع دراسته اللاهوتيّة في جامعة تولوز. ومن ثمّ، رُسِمَ شمّاسًا في العام 1598، وبعدها أصبح كاهنًا في العشرين من عمره في العام 1600. ويُذْكَر أنّه احتفل بقدّاسه الأوّل في كنيسة متواضعة تقع في وسط الغابة، كان يتردّد إليها في حداثته. وأظهر هذا القديس من خلال اختباراته أنّ أروع ما في الحياة هو القدرة على محاربة الألم وعيش الصبر النابع من قوّة الإيمان.
سافر منصور إلى أماكن عدّة في حياته. بعد عودته إلى فرنسا، توجّه إلى باريس مكرِّسًا أعماله في سبيل خدمة الإنسان ونشر المحبّة والصلاح. بنى المستشفيات للمرضى، كما فتح الملاجئ للعجزة، ومن ثمّ راح يجمع من الشوارع الأطفال المشرّدين، ويعتني بتربيتهم مثل الأمّ الحنون. وبعدها كان يقوم بزيارة السجناء، ويتحاور معهم، ويرشدهم إلى طريق الله والعيش المستقيم. كان يهتمّ أيضًا بالإكليروس. وأنفق كلّ الأموال التي وصلت إلى يديه بكلّ حبّ وسخاء على المهمّشين والفقراء. أسّس رهبنة الآباء اللعازريين، وساعد القديسة لويزا دي مارياك في إنشاء جمعيّة بنات المحبّة في العام 1633، وهي تُعْنَى بكلّ إيمان وتضحية بإدارة المستشفيات والمياتم وبيوت المسنّين وغيرها من القضايا الإنسانيّة.