طلب البابا فرنسيس اليوم من الشبّان والشابّات المشاركين في أسّيزي في مبادرة «اقتصاد فرنسيس» بناء اقتصاد نبويّ ومستدام ومبتكر يصغي إلى صرخة الأرض ويواجه عدم الاستدامة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والعلائقيّة في العالم.
كلام البابا جاء ضمن مبادرة «اقتصاد فرنسيس» التي دعا إليها الأب الأقدس الاقتصاديين الشباب وروّاد الأعمال وصانعي التغيير الذين لا يتخطّون الخمسة والثلاثين عامًا للاجتماع في مدينة أسيزي والتزام روحيّة القديس فرنسيس من أجل اقتصاد أكثر عدالة واستدامة وشملًا لا يتمّ إقصاء أحد منه.
سمع البابا شهادة حياة ثمانية مشاركين، ووجّه بعدها كلمة تلخّص فكره الاقتصادي. وفي نهاية اللقاء، انضمّ إلى الموقّعين على ميثاق لتعزيز «اقتصاد إنجيليّ».
أشاد البابا في كلمته بما فعله الشبّان والشابّات، واعتبر أنّ الكثيرين يتكلّمون اليوم عن الماليّة بدل الاقتصاد، منبّهًا من أنّ الماليّة وحدها لا تستطيع إحداث لقاءٍ بينها وبين الإنسانيّة والدِيْن. وانطلق البابا شارحًا أنّ شباب اليوم يعيشون في عصرٍ صعب بسبب الأزمة البيئيّة والجائحة والحرب الأوكرانيّة والحروب الأخرى. وأضاف أنّ الشباب مدعوّون ليكونوا «حرفيّي وبنّائي البيت المشترك» الذي يتعرّض للخراب.
ورأى الحبر الأعظم وجوب قبول المبدأ الأخلاقي العالمي الذي ينصّ على ضرورة تصحيح الأضرار، كما يجب التضحية بطرق حياتنا التي لا استدامة فيها وإلّا سيدفع أبناؤنا وأحفادنا الثمن.
وفي تطرّقه إلى «عدم استدامة العلاقات» التي تصبح أكثر هشاشةً في الغرب، رأى البابا أنّ هذا النقص يؤدّي إلى «مجاعة سعادة». ولفت إلى أنّ أوّل رأس مال في أيّ مجتمع هو رأس المال الروحي لأنّ الإنسان يبحث أوّلًا عن المعنى قبل أن يبحث عن الخيرات الماديّة. وفسّر البابا أنّه قد يتمّ «استهلاك» رأس المال الروحي الذي خزّنته الأديان والتقاليد والتقوى الشعبيّة بشكل سريع، فينتج فراغ عن ذلك.
وتوقّف البابا أيضًا عند الفقر، مشدّدًا على ضرورة الإصغاء لصوت الفقراء من أجل عيش «اقتصاد فرنسيس» الأسيزي، وشجّع على خلق غنى من دون احتقار الفقر. وقال: يجب ألّا نحبّ البؤس بل أن نحاربه.
وفي الجزء الأخير من كلمته، أعطى البابا ثلاثة إرشادات للسير إلى الأمام في العالم الاقتصادي وهي: أوّلًا النظر إلى العالم بعيون أفقر الفقراء، مُعطيًا مثل «جبال الشفقة» التي أسّسها الفرنسيسكان في العصور الوسطى والتي كانت تهدف إلى مساعدة الفقراء ماليًّا، وثانيًا عدم نسيان عالم العمل والعمّال -لأنّ الحاضرين كانوا بشكل خاصّ من عالم الدراسة- وبالتالي خلق فرص عمل جيّدة وللجميع، وثالثًا «التجسّد» أي ترك أثر بشكلٍ ملموس.
وصلّى البابا ختامًا إلى الله الآب، طالبًا الصفح على جرحنا الأرض بالعمق وعدم احترامنا ثقافات الشعوب الأصليّة وعدم محبّتنا للفقراء.
حضّ البابا فرنسيس 200 أسقف جديد على التقرّب من الفقراء والتذكّر أنّ كلّ الأمور مترابطة وتحتاج إلى الرعاية بالخلق. كلام البابا أتى في لقاء مع الأساقفة، صباح الاثنين في القصر الرسولي الفاتيكاني. لم يُلْقِ الأب الأقدس كلمة معدّة مسبقًا في الاجتماع، بل تحدّث بعفويّة.