والد مؤمن وجدٌّ حنون وأستاذٌ جامعي في رصيده أكثر من 10 مؤلفات، جمع الإيمان والعلم في شخصيّة فريدة تعي حضور الربّ الدائم، ففاض بالمحبّة والحكمة والمعرفة على العائلة، ونجح في أن يكون الأب الصالح والمربّي الحكيم على مثال شفيعه مار يوسف.
إنه د. طوني الحاج، المدير السابق في كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، ورئيس الرابطة الثقافيّة-رعيّة مار مارون، الذي يخبر قرّاء "آسي مينا" عن اختباره العميق مع الربّ، وسرّ التربية الصالحة التي تبني أسس العائلة الملتزمة في الكنيسة.
ثمار المحبّة
"ترعرعت في أسرة مؤمنة زرعت في قلوبنا بذور المحبّة التي أثمرت عائلة جديدة تحبّ الربّ يسوع وتسير على خطاه، فنما الإيمان في نفوس أولادي الثلاثة: د. مايا والمهندس شادي والراهبة ميشيل"، يروي د. الحاج.
"منذ نعومة أظفار أولادي، كنا نتوجّه كل أحد إلى الكنيسة للمشاركة في الذبيحة الإلهيّة إلى درجة أن الجيران قالوا لنا إنهم يضبطون عقارب الساعة على موعد ذهابنا إلى بيت الله.
تبرعمت هذه العلاقة الروحيّة مع الربّ، وتجلّت في التزامي مع زوجتي في رعيّة مار مارون والرابطة الثقافيّة.
مررنا بصعاب كثيرة، منها مشاكل الحياة الروتينيّة والتربية، لكننا تخطّيناها بفضل هذه العلاقة المتينة مع الكنيسة والله، والتي مدّتنا بالأمل والرضا والراحة النفسيّة بحيث أصبحنا متأكدين من أن العقبات ستُذلّل بمعونة الربّ".
الكتاب المقدّس والحلول الناجعة
ويقول د. الحاج: "أودّ مشاركتكم هذا الاختبار الذي ملأ قلبي بالفرح عندما أخبرني ابني المهاجر كيف يعمل على مواجهة الصعوبات، إذ أكد لي أنه يجد الحلول في الكتاب المقدّس الذي قرأه أكثر من مرّة… تأثرت كثيرًا، وشعرت بالرضا يغمر نفسي لأنني ذخّرت كيانه بهذه العلاقة المباركة مع الإنجيل".
هكذا لبّت ابنتي صوت الربّ…
ويطلعنا د. الحاج على الشرط الأساسي في تربية أولاده، والذي جعل أسرته أرضًا خصبة لولادة دعوة مباركة: "لا أذكر أن أحدًا مرّ من دون أن تتوجّه عائلتي إلى الكنيسة. إن هذه الجذور في الالتزام وعيش المحبّة والعلاقة المميّزة مع مريم العذراء شكّلت شرارة اختيار ابنتي الصغرى التكرّس في الحياة الرهبانيّة.
كانت ميشيل تبلغ من العمر 20 عامًا حين انجذب قلبها إلى راهبات المحبّة-البزنسون إذ لبّت نداء حبيبها يسوع مباشرةً بعدما شاركت في ساعة سجود للقربان، في خلال مرافقتها 7 شابّات رغبن في التكرّس لله، فاختارت عبارة قلبت حياتها رأسًا على عقب!
"اخترتك لتكوني معي!" قرأت ميشيل هذه الكلمات، وأجهشت بالبكاء… شعرت بأن الربّ لمس قلبها، فقرّرت عدم إكمال دراستها في جامعة الروح القدس-الكسليك، بل توجّهت فورًا إلى الدير، قائلة: لا أستطيع تأجيل تلبية دعوة يسوع!
وعلمنا فيما بعد أنها كانت ملتزمة في مساعدة الجمعيّات والعائلات الفقيرة في الخفاء، في خلال دراستها الجامعيّة. تكرّست ميشيل منذ 13 عامًا، وخدمت حوالى 4 سنوات في الصعيد المصري، وربطتها علاقة مميّزة مع الناس أينما حلّت".
وتحدّث د. الحاج عن العلاقة بين العلم والدين، قائلًا: "العلاقة دقيقة وخَطِرَة. قد يعتبر الكثير من المتعلّمين الذين احتلّوا مراتب علميّة رفيعة أنهم باتوا أكثر فهمًا من غيرهم، ما جعلهم يتكبّرون على الإيمان. للكثير من المفكّرين كتابات معادية للدين والمسيح لأن جهلهم دفعهم إلى التركيز على ناحية سلبيّة معيّنة. عندما يلج الإنسان حقيقة الفكر الإنساني العميق، لا ينحدر إلى هذا الدرك من التفكير السلبي، مهما ارتفعت مكانته العلميّة. يجب أن يقوى الإيمان بالتوازي مع التفوّق العلمي.
لا تعارض في العلاقة بين العلم والدين إلا بالنسبة إلى من يدّعون المعرفة، بل هناك أكثر من تكامل يربط بينهما لأن الغوص في العلوم طريق للغوص في الإيمان".
التماسك والإيمان القويم
ويختم د. الحاج سرد اختباره عبر "آسي مينا"، رافعًا الشكر إلى الربّ على النعم التي أغدقها عليه، والحمد على أولاده لأنهم نجحوا في تأسيس عائلات ملتزمة في الكنيسة ومتمسّكة بالإيمان القويم، وعلى أحفاده الذين ينمون بالنعمة والمعرفة كونهم يستقون المحبّة من قلوب الأهل والأجداد والانصهار الروحي بين الكبار والصغار.
مديرة التحرير السابقة في «آسي مينا»، صحافيّة لبنانيّة ملتزمة. سعيت دومًا في مسيرتي المهنيّة إلى حمل شعلة البشارة باسم يسوع المسيح وإيصال كلمته إلى أقاصي الأرض.
الأكثر قراءة
1
2
3
4
5
اشترك في نشرتنا الإخبارية
رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته