بيروت, الخميس 22 سبتمبر، 2022
القديس الشهيد فوقا... أبصر النور في مدينة سينوبي، على ضفاف البحر الأسود. كان والده بامفيلوس يعمل في بناء المراكب، وأمّه تُدْعَى مريم. ترك عبادة الأوثان، واهتدى إلى ضياء الديانة المسيحيّة. تميّز بموهبة صنع العجائب منذ نيله الروح القدس في معموديّته. عاصر الرسل، ورُسِمَ أسقفًا على مدينة سينوبي في البنطوس. بعدها، ذاع صيته في الشرق والغرب، حاملًا شعلة المسيح ومعلنًا مجده.
ذات يوم، وبينما كان يدبّر أمور أبرشيّته ويبشّر بكلمة المسيح من أجل عودة الخراف الضالة إلى بيت عريسها السماويّ، حضر عددٌ من جنود الحاكم الوثني، وألقوا القبض عليه. ولمّا وقف أمام الوالي، أمره بالسجود للأوثان، إلّا أنّه رفض بقوّة، وراح يشهد لإيمانه الحيّ بالمسيح. عندئذٍ، قام الوالي بتعذيبه من دون رحمة. حدثت في تلك اللحظات زلزلة عنيفة في المكان، جعلت الوالي يُصاب بالرعب وكذلك جنوده. أحسّ القديس فوقا بالشفقة عليهم، كما تضرّع إلى ربّ الأرباب من أجلهم حتى عادت الطمأنينة إلى حياة الوالي وجنوده. وهم لا يفهمون ماذا حصل، والدهشة تسيطر على عقولهم.
بعد تلك الحادثة، ترك الوالي القديس فوقا في حاله. فانطلق عائدًا إلى أبرشيّته، يتابع رسالته مكرّسًا ذاته بكلّيتها للبشارة والأعمال البطوليّة في حقل المسيح، ملك الملوك. لكن هذا الواقع لم يستمرّ طويلًا، إذ سمع فوقا صوتًا يقول له: «إنّ كأسًا قد أُعدّت لك، وعليك الآن أن تشربها». عرف وقتها أنّ الربّ الإله يدعوه إلى الاستشهاد. وما هي غير أيّام وجيزة حتى دنت الساعة وجاء جنود الحاكم إليه من جديد، وقد قاموا باعتقاله. ولمّا رفض أن يضحّي للأوثان، معترفًا بأنّ يسوع المسيح هو الإله الوحيد وربّ الأكوان، ضُرب حينها وجُرح وسجن، ثمّ أُلقي في حمّام زائد السخونة إلى أن فاضت روحه الطاهرة في العام 115.
أتى المؤمنون لزيارة ضريحه من أجل الصلاة ونيل البركات حتى بات شلّالًا مباركًا من السماء يفيض النعم والمعجزات. كما حملت الكثير من الكنائس اسمه في لبنان منذ القرن السادس. ومن ثمّ، كتب القديس يوحنا الذهبي الفم خطابًا يمدحه فيه، يوم نُقِلَت ذخائره من البُنطوس إلى القسطنطينية.