بيروت, الأحد 18 سبتمبر، 2022
أبصرت القديسة لوسيا النور في سيراكوزا بجزيرة صقلية في العام 283، ويعني اسمها نور أو منيرة. ترعرعت في أسرة مسيحيّة صالحة، وكانت تُعدّ من أغنياء المدينة. من ثمّ، غرست في قلب لوسيا ووجدانها حبّ الصلاة وروح التقوى وأهميّة قراءة الكتاب المقدّس والذهاب إلى الكنيسة أيّام الآحاد من أجل المشاركة في القداس حتى غدت حياتها مكلّلة بأسمى الفضائل. لمّا مات والدها، تقدّم إليها شاب من جذور وثنيّة كي يخطبها، فوافقت أمّها أوتيكا على طلبه، على أمل اعتناقه الديانة المسيحيّة. ولمّا أحسّت القديسة لوسيا بنيّة أمّها، طلبت عندئذٍ منها أن تمنحها بعض الوقت من أجل التفكير بالموضوع.
بدأت لوسيا تصلّي بدموع العين، وتتضرّع بقوّة الإيمان إلى الله كي يبعد عنها مرارة تلك التجربة. وفي الحقبة الزمنيّة عينها، أصيبت والدتها بالمرض، فتشفّعت لدى القديسة أغاثي التي سمعت صرختها وظهرت لها في الحلم تحثّها على الصمود، وطلبت منها أيضًا أن تصلّي إلى ربّ الأرباب. بعد ذلك العناء، تعافت أمّها، ووعدتها بأنّها لن تجبرها أبدًا على الزواج من ذلك الشاب الوثني. فرحت القديسة لوسيا كثيرًا، وراحت تعمل مع أمّها على بيع ممتلكاتهما، والاهتمام بتوزيعها على الفقراء. لكن ذلك الواقع أغضب الشاب الوثنيّ، فلم يكن أمامه إلّا أن يوشي بها إلى الحاكم بسكاسيوس الذي أرسل جنوده للقبض عليها.
أخذ الحاكم يلاحقها من جهة، ومن ثمّ يعذّبها، وراح يحاول دفعها صوب الرذيلة إلّا أنّ لوسيا البريئة رفعت يديها حينها نحو السماء، وهي تسأل الله الرحمة والعون. وبعدها، اقتلعت عينيها بكلّ شجاعة، ورمتهما في وجه الحاكم، مؤكّدة طهر روحها وعفافها، كما ألهمها حينئذٍ إلهها الحيّ كي تثبت في مكانها مثل الصخرة، وحين عجز الجنود عن تحريكها من أرضها، ربطوها في حبال وأخذوا يشدّونها من مكانها حتّى شُلّت عزيمتهم. ولمّا ألقوها في النيران الملتهبة، كانت تصلّي بحرارة إلى الله، ولم تخف بل انتصرت على تلك المحنة وخرجت معافاة منها. أصدر الحاكم عندها أمرًا بقطع رأسها بالسيف، لكن الضربة لم تفصل رأسها عن جسمها، كما أنّها لم تمت على الفور، بل أخذها المؤمنون إلى بيت قريب، ومن ثمّ جاء كاهن وناولها القربان المقدّس، وبعدها رقدت مُعانِقةً عطر القداسة.
يتّخذ المسيحيّون من القديسة لوسيا، منذ مطلع القرن الرابع الميلادي، شفيعة المكفوفين ومرضى العيون. كما تظهر في معظم صورها، وهي حاملة عينيها في طبق.