سلّم ذاته للربّ منذ نعومة أظفاره، متخطّيًا الشلل النصفي وداء الصرع لأنه تسلّح بإيمانه وحبّه لله، وسار على درب الطفولة الروحيّة التي رسمتها القديسة تريزيا الطفل يسوع، شفيعته الحبيبة.
إنه شربل غانم الذي يشارك قرّاء "آسي مينا" اختباره حضور الربّ في حياته ودور العناية الإلهيّة في نموّه الروحي.
القديسة تريزيا جذبتني إلى قلب يسوع
"عانيت من الشلل النصفي وداء الصرع منذ طفولتي.
في سنّ المراهقة، وعيت أن حياتي مختلفة عن حياة أخواتي إذ كنت أعاني من صعوبات جمّة، فلم أكمل دراستي"، يخبر شربل.
"في العام 2002، بدأت ألمس حضور الله في حياتي بعدما جذبتني القديسة تريزيا الطفل يسوع؛ قواسم مشتركة عدّة جمعتني بها، على سبيل المثال وضعها الأسريّ (صغيرة العائلة ولديها 4 أخوات) وشعورها بأنها مدعوّة إلى الحياة الرهبانيّة في الكرمل.
في البداية، لم أكن متصالحًا مع ذاتي، ولم أرغب في أن أسبّب الإزعاج لأهلي بسبب حالتي الصحيّة، فعشت في عزلة لكنني رجوتهم زيارة ذخائر القديسة تريزيا التي حطّت رحالها آنذاك في دير مار مارون-عنّايا.
صلّيت أمام الذخائر المقدّسة، وتوجّهت إلى خالقي بكلمات نابعة من صميم القلب المتعب من أثقالي الجسديّة، قائلًا: يا ربّ، لقد تعبت من هموم الحياة… أرجوك، أعطِ حياتي المعنى الحقيقي… أرغب في خدمتك مثل هذه القديسة، فأرشدني إلى الطريقة الفضلى كي أخدمك من خلالها…
وعدتُ القديسة تريزيا الطفل يسوع بأن أتعرّف إليها، وطلبت منها أن تهديني وردة أو وردتين من وابل ورود النعم التي رغبت في نثرها على البشريّة جمعاء، مؤكدًا لها أنني سأحافظ على وديعتها… وامتلأ قلبي بالشوق لأتعرّف إلى جميع القديسين كي أمشي على دروبهم، فغصت في قصصهم وأدهشتني اختباراتهم الغنيّة".
خدمة الإخوة واختبار القديسين
ويقول شربل: "جذبني الله إلى قلبه، والتزمت في المشاركة بالقداديس ومطالعة الكتب الروحيّة.
في العام 2004، لمس أهلي شغفي بالصلاة، فعرّفتني أختي إلى أحد الكهنة، وقرّرت الالتزام في الرعيّة والطلائع والشبيبة.
بعد 3 أشهر، تعرّفت إلى جماعة "إيمان ونور" التي تهتمّ بأصحاب الإرادة الصلبة، فانتميت إليها، وعشت الخدمة فيها 14 عامًا.
اختبرت خدمة الإخوة بفرح لأن الربّ يقول: كل ما فعلتموه لأحد إخوتي هؤلاء الصغار، فلي فعلتموه (مت 25: 40).
في جماعة "إيمان ونور"، لمست حضور المسيح، وعشت اختبار القديسين، على سبيل المثال الأمّ تريزا والأب داميان الذي خدم البرص في جزيرة نائية وغيرهم من القديسين الذين عاشوا مع المحتاجين. إن أصحاب الإرادة الصلبة يمثّلون صورة يسوع المصلوب، واختبرت دور يوحنا الحبيب وسمعان القيرواني في مساندتي أهل إخوتي الجدد".
ويتابع شربل: "واجهت صعوبات عدّة في حياتي، منها مشاكل في الكتابة والقراءة، فاعتمدت على الإصغاء، وكنت التلميذ الذي أحبّه يسوع، واختبرت حضور ربّي من خلال مساندة مرشدي، خادم الأسرار المقدّسة، ومنحني الله نعمة الكتابة التي أعمل على تطويرها وأبشّر من خلالها.
بعد 7 سنوات من الفرح مع الربّ، عشت 7 سنوات من المرارة والنزاعات والسقطات والارتدادات إلى أن خفتت شعلة العلاقة الروحيّة التي بنيتها مع الله، واختبرت بعض الانتكاسات الصحيّة التي عرّضتني إلى انكسارات قابلتها انتصارات، وشعرت بالجفاف الروحي على مدى عامَيْن.
لكن الله أظهر مجده مجدّدًا في حياتي من خلال الجماعة الجديدة التي انتسبت إليها، فعدت إلى ذاتي من خلال قراءتي الكتاب المقدّس، وعشت الخلوة الدائمة والتعمّق في الكلمة كي تختمر في أعماقي، فأحفظها وأولد من جديد وأعيش في حضرة الله".
ما أطيب الربّ!
ويضيف شربل: "ذوقوا وانظروا ما أطيب الربّ! (مز 34: 8).
(تستمر القصة أدناه)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
نعم! لقد تذوّقت هذه الحلاوة في اختبار شخصيّ مع الربّ، وقراءة تاريخ حياتي على ضوء الإيمان، فرأيت عمل الله في حياتي.
عندما اختبرت حبّه، بتّ أقرأ آلامي على نغمات نبضات قلبه، فأتقبّلها وأحمل الصليب الذي وهبني إيّاه الله كي يظهر مجده في ضعفي.
وتأمّلت أوجاع القديسة رفقا، ومشهد يسوع المصلوب بين ذراعيّ والدته مريم العذراء، ما جعل قلبي يفيض بالتعزيات…
إن صليب حياتي نعمة حقًّا، وصحّتي علامة محبّة الله، وقطعة من صليبه حُفرت فيّ".
الربّ غزير النعم
الأكثر قراءة
1
2
3
4
5
ويختم شربل سرد اختباره عبر "آسي مينا"، رافعًا الشكر إلى الربّ على عمله في حياته، وعمل الروح القدس الذي جعله يتخطّى حالته الصحيّة في سبيل خدمة الإخوة، ونعمة الكتابة وفق إلهام الروح وتسخيرها للبشارة، ووجود الكهنة الذين ينوّرون طريقه ويوجّهونه على درب الربّ، ودعم أهله ومرشده الروحي، والصداقات الجيّدة والسيّئة لأنها علّمته أن الله هو ركيزة حياته، والسقطات لأنه اكتشف أن الربّ هو السند والملجأ في الصحراء الروحيّة التي عبرها، واختبر وجوب أن يكون التعلّق به وحده، هو من عُلّق على الصليب كي يخلّصنا.
مديرة التحرير السابقة في «آسي مينا»، صحافيّة لبنانيّة ملتزمة. سعيت دومًا في مسيرتي المهنيّة إلى حمل شعلة البشارة باسم يسوع المسيح وإيصال كلمته إلى أقاصي الأرض.
رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته