بيروت, الخميس 8 سبتمبر، 2022
حلّت النعمة وعمّت البهجة بيت يواكيم وحنّة، الطاعنين في السنّ، إذ استجاب الله إلى صوت تضرّعهما، ورزقهما الطفلة مريم، المختارة منذ الأزل من بين كلّ النساء، لكي تكون أمًّا للكلمة المتجسّد. كما تعلّمنا الكنيسة أنّ مريم حُبِلَ بها بلا دنس ولا عيب فيها.
إن تذكار مريم في عيد مولدها يفوق كلّ إكرام. ففي الثامن من سبتمبر/أيلول، تعانق الأرض أنغام التهليل والتسبيح حتّى تبلغ حدود السماوات.
مريم هي نجمة الصبح التي طلعت عند بزوغ الفجر تبشّر بحلول النعمة وشروق شمس العدل ونور العالم. كتب القديسون عن سحر طهرها وتسليمها الكلّي لمشروع الله الخلاصيّ، وكيف لمّا قالت نعم للملاك، تبدّل وجه الكون بأكمله. كما ورد ذكرها، في الكثير من الآيات في الكتاب المقدّس، منها: «ممتلئة نعمة» (لوقا 1: 28)، «أمة الربّ» (لوقا 1: 38)، «تطوّبها جميع الأجيال» (لوقا 1: 48).
إنّنا نرى في ميلاد مريم الدائمة البتوليّة مثالًا لانفتاح أبصارنا على كلمة الربّ وأنوار روحه القدوس ومواهبه. وعند قراءتنا للإنجيل المقدّس، يجب أن لا نغفل عن حقيقة مهمّة، وهي تحيّة القديسة أليصابات لمريم العذراء لمّا زارتها، وهتفت لها بأعلى صوتها، وبوحي من الروح القدس: «مباركة أنتِ في النساء، ومباركةٌ ثمرة بطنك!» (لو 1: 42). هذا الكلام يحثّنا على التأمّل أكثر في عظمة الخالق الذي اصطفاها من بين كلّ النساء، وجعل ابنه ثمرة بطنها المباركة. من هنا، يكمن سرّ سرور الخليقة في ذكرى ميلادها لأنّها هي التي ولدت المسيح إلهنا ومخلّصنا.