بيروت, الاثنين 5 سبتمبر، 2022
الأمّ تريزا دي كالكوتا... اسمها الأصلي آغنيس غونكزا بوجاكسيو، أبصرت النور في 27 أغسطس/آب 1910 في قرية سوكجية، وترعرعت في كنف أسرة مؤمنة هاجرت إلى يوغوسلافيا، وأصلها من ألبانيا. لمّا بلغت آغنيس الثانية عشرة من عمرها، أحسّت بأنّ غايتها الأسمى في الوجود هي مساعدة الفقراء، فقرّرت أن تصبح راهبة، ودخلت إلى دير راهبات «أخويّة لوريتو» في دبلن بايرلندا، حيث رُسِمَت راهبة مبتدئة. بعد مرور سنة، أُرْسِلت إلى ديرٍ تابع لتلك الرهبنة في مدينة داريلينغ بالقرب من كالكوتا في الهند. وكانت هناك تتعلّم وتعلّم لمدّة 17 سنة. وعُيِّنَت بعدها مديرة لثانويّة «القديسة مريم» في كالكوتا.
ذات يوم، شاهدت الأمّ تريزا رؤيا، بينما كانت مسافرة في القطار إلى داريلينغ في العام 1946، يدعوها المسيح فيها إلى خدمته مع أفقر الفقراء. بدّلت تلك الرؤيا مجريات حياتها، وسُمِحَ لها بمغادرة الدير والذهاب إلى أحياء كالكوتا الفقيرة بهدف تأسيس أوّل مدرسة لها. بعدها، تقدّمت الأمّ تريزا بطلب من الكنيسة الكاثوليكيّة يقضي بإنشاء رهبنة منفصلة تحمل اسم «الإرساليّات الخيريّة»، فحصلت على موافقة البابا في 7 أكتوبر/تشرين الأوّل 1950. وهدفت هذه الرهبنة إلى العناية بالجائعين والعراة والمشرّدين والعاجزين والعميان والمنبوذين. وحدثت نقطة تحوّل مهمّة في حياة الرهبنة في العام 1965، لمّا منحها البابا بولس السادس السماح بالانتشار والعمل في كل العالم، لا الهند فحسب.
حصدت الأمّ تريزا الكثير من شهادات التقدير، إذ جعلها البابا بولس السادس أوّل شخص يفوز بجائزة «البابا يوحنا الثالث والعشرين للسلام» في العام 1971. كما منحتها الحكومة الهنديّة في العام 1972 ميداليّة «جواهر لال نهرو» لأعمالها الخيريّة المميّزة على المستوى الدولي. وتُعتبر الأمّ تريزا الشخص الرابع في العالم الذي مُنِحَ في العام 1996 «الجنسيّة الأميركيّة الفخريّة». ولمّا تسلّمت جائزة نوبل للسلام الباهظة الثمن، وهي ترتدي ساريها الأبيض المتواضع، طلبت يومها إلغاء العشاء التقليدي المُقام على شرف الفائزين، ومنحها المبلغ لتنفقه على إطعام 400 طفل هندي فقير طوال سنة بكاملها.
راحت صحّة الأمّ تريزا تتراجع يومًا بعد يوم، أي منذ العام 1985، نتيجة تقدّمها في السنّ، ومن ثمّ تكريسها المساحة الأوسع من وقتها للاهتمام بأوضاع المرضى، ما جعلها تنسى العناية بصحّتها. ماتت في كالكوتا بالهند في العام 1997، تاركةً بصمة سامية في الفكر الوجداني. كما أخذت رسالتها الإنسانيّة بعد وفاتها تنتشر في كل العالم.