بيروت, الجمعة 2 سبتمبر، 2022
وُلِدَ ماما في قيصريّة الكابدوك في أواسط القرن الثالث. كان أبواه مسيحيَّيْن، حارَّيْن في التقوى، مواظبَيْن على عيش روح الصلاة والعبادة، يخدمان الفقراء والمحتاجين، كما يثبّتانهم في الإيمان الراسخ بالمسيح. في المقابل، قام بعض الأشخاص بالإبلاغ عنهما إلى الحاكم الوثني ألكسندروس لأنهما تمسّكا بإيمانهما المسيحي. عندئذٍ، استدعاهما هذا الأخير وأمرهما بعبادة الأوثان. ولمّا رفضا طلبه، جلدهما وألقاهما في السجن. توفّي والده من شدّة تعذيبه. أمّا أمّه، فأنجبته في السجن، وما لبثت أن ماتت هي أيضًا، وهكذا لم يتمكّنا من تربيته.
من ثمّ، جاءت أرملة مسيحيّة تُدْعى «أميا» إلى السجن، فأخذته، وقامت بدفن والدَيْه، بعدما موافقة الحاكم. منذ ذلك الوقت، اهتمت به واعتبرته هديّة من السماء. كبر الطفل في أحضانها، وكان يناديها «ماما»، ولفرحها الشديد به راحت تناديه هي أيضًا «ماما». ومنذ طفولته، غرست في وجدانه أهميّة عيش الصلاة وسماع كلمة الإنجيل المقدّسة. كما كان يشعر بالغبطة كلّما تعرّف إلى سير القديسين الشهداء الأبطال، وبخاصّة سيرتَي والدَيْه. لم يتعلّم ماما القراءة والكتابة، بل عُهِدَ إليه برعاية الغنم. كان متواضعًا ويقوم بعمله شاكرًا ربّه على نعمه في حياته. وسعى منذ حداثته إلى تسلّق سلّم الكمال المسيحي أي ملكوت الله. ويُشهد له أنّه كرّس ذاته لصنع أعمال المحبّة وخدمة القريب.
لمّا بلغ الخامسة عشرة من عمره، أظهر حماسة لا توصف في نشر كلمة المسيح، وراح يجاهر بإيمانه ويعلنه بكلّ شجاعة من دون خوف أمام عبدة الأوثان، ساخرًا من أصنامهم، فاجتذب الكثير من الشباب للإيمان المسيحي. وحدث في تلك الحقبة الزمنيّة، أي أيّام الإمبراطور أورليانوس، أن موجةً من الاضطهاد حلّت بالمسيحيين. ويُذكر أنّ الجنود قبضوا حينها على ماما، وحاولوا إرغامه على تقديم الذبائح للأصنام، إلّا أنّه رفض طاعتهم، وقال لهم بقوّة الإيمان النابض في عروقه: «لستُ مستعدًّا لإنكار سيّدي وإلهي يسوع المسيح». سُلِّم عندها إلى رجال الإمبراطور الذين عذّبوه وضربوه من دون رحمة، كما قاموا بحرق أطرافه وطعنوه، قبل أن يُلقوا به في البحر. مات ونال إكليل الشهادة في العام 275.
أيّها الربّ يسوع، يا من فاضت نعمك في حياة الشهيد القديس ماما، نسألك في عيده أن تحضن أطفالنا، ولا تسمح لمظاهر الشرّ المتفشّية على أشكال آلهة الأوثان في عالمنا اليوم باجتياح قلوبهم البيضاء وتشويهها ومحاولة تضليلها بغرس الأفكار المتعارضة مع كلمتك، بل كن يا ربّ درع خلاصهم وحلمهم الأمثل في هذا الوجود إلى المنتهى. آمين.