«في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله» (يو 1: 1). هذه الآية مثّلت لمسة إلهيّة نابضة بالحبّ إذ كشف الله عبرها وجهه الحقيقي إلى صبيّة مسلمة تحمل اسم زهرة بيضاء ليفوح عطر إيمانها وتزيّن حقل الربّ.
إنها الشابّة اللبنانيّة ياسمين بيضاوي التي اعتنقت المسيحيّة، واختارت ريتا-ماريا اسمًا لها، ونالت إجازة في اللاهوت، تخبر "آسي مينا" عن مسيرة تفيض بالإيمان والثقة والتمسّك بحبّ يسوع المسيح إلى الأبد.
يسوع يجذبني إلى قلبه
"بدأت قصّتي مع يسوع منذ الثامنة إذ كنت أشاهد أفلامًا عن المسيح في خلال عيدَي الميلاد والفصح، وأفرح بمتابعة دوره من دون معرفة السبب"، تقول ياسمين.
"عندما كبرت، دفعني الفضول إلى معرفة الدين الإسلامي، ولم أقتنع بأمور كثيرة متعلّقة به، ولم أشعر بأن ما اكتشفته يمثّل الله الذي أبحث عنه أي الحبّ والرحمة.
في أحد الأيّام، تعرّفت إلى شخص أهداني إنجيلًا. عندما فتحته، جذبتني هذه الآية: «في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله» (يو 1: 1). لم أفهمها جيّدًا لكنني شعرت بأنني وجدتُ الله الذي أفتّش عنه، بفضل عمل الروح القدس.
تابعت رحلة بحثي، وتعرّفت إلى لاهوتي أجابني عن أسئلتي، فوجدت الأجوبة المفقودة واقتنعت بها، وقرّرت أن أنال سرّ المعموديّة. حينذاك، تعرّفت إلى الأب جورج كامل في رعيّة مار يوسف-برج حمّود، وعرّفني بدوره إلى مجموعة مؤلفة من الكهنة والراهبات، اهتمّت بمرافقتي الروحيّة طوال سنة.
نلت سرّ المعموديّة عندما كنت أبلغ من العمر 25 عامًا، واخترت اسم ريتا-ماريا لأنني أؤمن بأن مريم العذراء هي أمّ الكنيسة، والتلميذة الأولى التي وثقت بالله، وقالت النعم لمشيئته، والقديسة ريتا علّمتني كيفيّة الصلاة. أما مشواري الحقيقي مع يسوع، فبدأ في «مدرسة الإيمان» مع الأب رمزي جريج إذ انقلبت حياتي رأسًا على عقب وتغيّرت نظرتي وتبدّلت المقاييس وأُعيد بناء كياني من جديد، بعد التعمّق في معرفة يسوع والإيمان المسيحي".
مسيرتي مع يسوع
وتخبر ياسمين عن الحضور الإلهي في حياتها، قائلة: "يسوع هو الوحيد الذي أحبّني مجّانًا كما أنا. هو يتقبّلني في كل الحالات، بضعفي وقباحتي وقذارتي، ولا يمنّنني بحبّه إذا ابتعدتُ عنه.
نعم! لقد اختبرت أبوّة الآب السماوي الذي لا يطلب شيئًا من أولاده إلا فرحهم، فهو واحة الأمان والرحمة والحنان.
ألمس حضور يسوع في حياتي من خلال الثالوث الأقدس وعمل الروح القدس والسلام النابع منه، فيعلّمني حبّه أن أعيش سلام المسيح والثقة والرجاء والأمان وسط الأزمات.
إن مسيرتي مع يسوع شبيهة بنبضات القلب؛ عندما تصير خطًّا ثابتًا يموت الإنسان لكن نبضات القلب ترسم خطوطًا غير منتظمة، هكذا بُنِيَت علاقتي مع المسيح. ما يدلّ على أن علاقتي معه ليست عاطفيّة. وفي الشدائد أيضًا، أحيا الأمانة له على مثاله.
الله ليس إلهًا مخيفًا بل يرغب في أن أكون كما أنا على الدوام. رجائي وثقتي به لا يتزعزعان مهما حصل. تعلّمت في مسيرتي معه ألا أخاف. إلهي يرغب في أن أواصل الحوار معه في كل الظروف، ويريد أن تكون العلاقة التي تربطني به شبيهة بتلك التي تربط الأب بابنته. المسيح تجسّد وصُلِبَ وقام ليحرّرنا من خطايانا. جسده المقدّس يحرّرنا. لقد أدركت أن يسوع يعطيني مجّانًا، وعندما أقبل حبّه وعطاءه المجّانيَّيْن، ألتقي به، فأتغيّر وأتوب"…
وتتابع ياسمين: "عانيت من أنواع جمّة من الاضطهادات؛ في بداية اعتناقي المسيحيّة، تعرّضتُ لاضطهاد معنويّ إذ لم تعد عائلتي تكلّمني وابتعد أصدقائي عنّي. بعد مرور الوقت، عادوا يتحدّثون معي، وحاول بعضهم إقناعي بالعودة إلى الإسلام، وبعضهم الآخر ابتعدوا عنّي.
أما الاضطهاد الأشدّ قساوة الذي واجهته، فكان بعد مشاركتي في مناظرة تلفزيونيّة ومواجهتي مسيحيًّا اعتنق الإسلام. بعدها، لم تسلم أمّي من انتقادات المعارف واتصالات اللوم والعتاب، حتى إن قريبتنا في الخارج التي كانت تدعمنا وسط الظروف القاهرة التي تمرّ بها البلاد، توقفت عن تقديم الدعم بعد مشاهدتها هذه الحلقة.
حاليًّا، وضعي المادي سيّئ، وراتبي محدود، ما يجعل الاضطهاد في هذه المرحلة يتّخذ الشكل الماديّ… لكن كل تلك المعوّقات لن تجعلني أتخلّى عن يسوع".
لهذا السبب اخترت الكنيسة المارونيّة!
وتوضح ياسمين سبب اختيارها الطائفة المارونيّة بالقول: "اخترتها لأهميّتها إذ لا أستطيع فصل الكنيسة المارونيّة عن الكنيسة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة لأنها تمثّل ركنًا أساسيًّا في المسيحيّة وتتميّز بالعمق والغنى والبساطة في الوقت عينه (القداس الإلهي والترانيم وإلخ…). في المقابل، لا أميّز بين الطوائف الأخرى بقدر ما أفكّر ببناء العلاقة مع يسوع لأن الخلاص يتجلّى في بنائها".
(تستمر القصة أدناه)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
رحمة لامتناهية وحبّ لامشروط
وتؤكد ياسمين أنها تتخطّى الصعوبات عبر تمسّكها بإيمانها المرتكز على حضور الله إلى جانبها واختبارها أبوّته لأن الابنة لا تخاف عندما تكون مع أبيها، مهما كانت الصعوبات.
وتشدّد على أنها تتخطّى العثرات بشجاعة تصفها بـ«الخوف الذي تلا صلاته بإيمان»، فلا صعوبات تسرق سلامها.
وتختم ياسمين اختبارها عبر "آسي مينا"، رافعةً الشكر إلى الربّ عبر قبولها رحمته اللامتناهية وحبّه اللامشروط، وتحمده على ذاته بكل بساطة.
وتدعو إلى قراءة الكتاب المقدّس لأنه يساعد على بناء علاقة يوميّة مع يسوع المسيح، لكن الأهمّ عدم التركيز على حرفيّته لأن الحرف يقتل، بل الغوص في الرسالة التي يريد يسوع إيصالها إذ إن حبّه يطرح الخوف بعيدًا.
مديرة التحرير السابقة في «آسي مينا»، صحافيّة لبنانيّة ملتزمة. سعيت دومًا في مسيرتي المهنيّة إلى حمل شعلة البشارة باسم يسوع المسيح وإيصال كلمته إلى أقاصي الأرض.
الأكثر قراءة
1
2
3
4
5
رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته
شهادة حياة طبيب لبناني مؤمن، قرّر اتّباع تعاليم الكنيسة الكاثوليكيّة في مهنته، فامتنع عن وصف العلاجات التي ترفضها عروس المسيح لأنه اختار طاعتها في كل تفاصيل حياته. إنه د. آلان شلهوب الذي يشارك قرّاء «آسي مينا» مسيرة نابضة بطاعة تعاليم الكنيسة والإصغاء إلى كلمة الله.