وأكّد المطران خضر أنّ العبادة السليمة لا تكون مبنيّة على الخوف بل على المحبّة، مشدّدًا على أن المسيح لا يضعنا بتاتًا بين خيارَيْن، فهو يريدنا جميعًا أن نخلص ونعيش في السعادة الأبديّة والشركة مع الله. وفي الوقت نفسه هو لا يُجبر أيّ إنسان على اتّباعه، لذلك كان كثيرًا ما يُردّد عبارة «إنْ أردت».
وأضاف: «في الماضي، كانت الكنيسة لا تقيم رتبة الجنازة للمنتحِر لاعتبارها أنّ الانتحار خطيئة عظيمة ومصيرها جهنّم. لكنّ الكنيسة اليوم تقول: مَن نحن حتّى ندين الناس؟ وماذا نعرف ما حصل في قلب هذا الإنسان حتّى وصل إلى هذه النتيجة؟ هل نحن الديّانون أم الله هو الديّان؟ علينا ألا ننظر إلى الله كشرطيّ يراقبنا ويعمل على تسجيل كلّ ما نفعله حتّى يعاقبنا. وإنّما ننظر إليه كآبٍ سماويّ يريد أن يحتضننا ويستقبلنا بالسعادة الأبديّة على مثال الابن الضالّ. وبالمناسبة، فالخطيئة التي لا غفران لها بحسب قول يسوع ليست سوى رفض التوبة والرجوع عن الخطيئة والإصرار عليها. الله مستعدّ على الدوام لأن يغفر لنا أيّ خطيئة، ومهما كانت، شرط أن نتوب. جهنّم صوَّرَها الفنّانون على أنّها نارٌ وشياطين، لكنّها في الحقيقة فشل أبدي، وبُعد أبديّ عن الله. فإذا كان الله النور الأزليّ، فجهنّم هي الظلمة الأبديّة. النار مجرّد تشبيه، لكنّ العذاب الحقيقي هو البُعد عن الله».
ورأى المطران خضر وجوب اهتمام المؤمن بالحياتَيْن الحاليّة والأبديّة، وعدم إهمال إحداهما. فهناك من لا يُعير انتباهه إلى ما بعد الموت ويقول لنفسه وللناس إنّ الحياة واحدةٌ وعلينا الاستمتاع بها.
وأكّد أنّ الحياة الثانية مسألة روحيّة تتطلّب إيمانًا، والعقل لا يستطيع أن يؤكّد لنا وجودها أو حتّى وجود الله. وبالتالي، لا يمكن إقناع شخص غير مؤمن بالحياة الأبديّة التي يُشكّل إيمان الإنسان بها غنى لحياته الأرضيّة.
وأردف المطران خضر: «في المقابل، هناك بعض المسيحيّين الذين يُهمِلون حياتهم على هذه الأرض بِحُكم أنّها حياة زائلة، وأنّ المادّة أمر حقير يبعد الإنسان عن السماء، وأن لا عدالة في هذا العالم، وأنّ الله يحبّ الفقراء. وبالتالي، يهمل هؤلاء مختلف الشؤون الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة، فيصبح الإنسان حينها مُخَدَّرًا لا يستطيع تحسين حياته التي يعتبرها غير مهمّة لأنّ عينيه متّجهتان فقط نحو السماء. لكن في الحقيقة، كلّ هذا تحريف للكتاب المقدّس إذ لا أستطيع أن أهمل واجباتي الأرضيّة بحجّة إيماني بيسوع الذي لطالما كان يتكلّم عن الملكوت الذي يبدأ هنا، من الأرض. وعليه، فإنّ التزامي بشؤون العالم علامة على إيماني بالحياة الأخرى، والملكوت بحاجة لأبنيه بدءًا من حياتي الحاليّة، من خلال الاهتمام بكلّ القضايا التي تهمّ الإنسان، فلا يمكن التغاضي عن آلام البشر. جميعنا يعلم أنّ يسوع جاء ليخلّصنا، لكن ما موقفه تجاه الإنسان المتألّم الأعمى والأبرص والمُقعد؟ هو أيضًا اهتمّ بتخفيف آلام الناس».
وختم المطران خضر مشيرًا إلى أنّ الإلحاد اليوم لم يعد كالسابق مستندًا إلى أيديولوجيا معيَّنة كالشيوعيّة على سبيل المثال، أو على بعض مدارس الفلسفة وعلم النفس، وإنّما أصبح يأخذ أكثر صورة عدم الاكتراث أو الاهتمام بالإيمان.