اللاذقية, الاثنين 29 أغسطس، 2022
«أهدي وسام الشرف هذا إلى شعب سوريا الصادق والمضياف، والذي قام منذ فترة طويلة باستضافة شعبي الأرمني المظلوم والمضطهد». بهذه الكلمات، استهلّ الكاردينال غريغوريوس بدروس الخامس عشر أغاجانيان كاثوليكوس، بطريرك بيت كيليكيا للكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة كلامه الذي وجّهه إلى الرئيس السوري الراحل شكري القوتلي عند تقليده في العام 1955 وسام الاستحقاق السوري، نتيجة جهوده الحاسمة في إرجاع بلدة كسب إلى الدولة السوريّة، بعدما قامت فرنسا بسلخها وتسليمها إلى تركيا برفقة لواء إسكندرون في العام 1939. وقد تمّت إزالة الستار عن النصب التذكاري للبطريرك الأحد 29 أغسطس/آب 2022، بحضور رسمي وشعبي كبير.
بدأ الاحتفال عند الساعة 11 صباحًا بالقداس الإلهي الذي ترأسه النائب البطريركي المطران كيفورك أسادوريان في كنيسة مار ميخائيل للأرمن الكاثوليك، تلته دقيقة صمت على أرواح الشهداء. ثمّ كلمة لكل من المطران أسادوريان والأب ناريك لويسيان مع إلقاء للشعر وتقديم المقطوعات الموسيقيّة. بعدها خرج الجميع إلى ساحة الدير حيث يقع التمثال برفقة الفرقة النحاسيّة التي أدّت النشيد الوطني لتتمّ إزالة الستار عن النصب البرونزي الذي صنعه الفنّان فارتان أفيسيان في لبنان. وترافق ذلك مع إطلاق حمامتَيْن بيضاوَيْن كرمز للسلام، وإنشاد أغنية خاصّة بالبلدة. تلاها الانتقال إلى صالون الدير لاستقبال الضيوف، وأبرزهم محافظ اللاذقية عامر إسماعيل هلال.
وفي مقابلة خاصّة أجرتها «آسي مينا» مع الأب لويسيان راعي كنيسة مار ميخائيل حدّثنا فيها عن البطريرك أغاجانيان، قائلًا: «ولد البطريرك الراحل في إحدى القرى الأرمنيّة التي وقعت وفق التقسيمات السياسيّة آنذاك ضمن الأراضي الجورجيّة. في الثانية عشرة من عمره، انتقل إلى روما للدراسة، ولم يتمكّن من العودة لزيارتها بسبب الظروف السياسيّة المتعلّقة آنذاك بطبيعة الحكم السوفياتي. لم يشأ أن تتكرّر تلك المأساة التي عاشها مع الجالية الأرمنيّة الكبيرة الموجودة في كسب والتي تُعْتَبَر ضمن أراضي كيليكيا الأرمنيّة التاريخيّة، فقام بالتحرّك سريعًا نحو فرنسا والفاتيكان، مستغلًّا نفوذه الديني والسياسي والقيمة الكبيرة التي يحظى بها لدى الكرسي الرسولي لتحقيق غاية نبيلة تتمثّل بإرجاع البلدة إلى سوريا، وهذا ما تمّ بعد أشهر قليلة فقط من احتلالها حين خرج الأتراك منها».
وتابع: «ما نتعلّمه من هذا الموقف التاريخي للبطريرك أغاجانيان هو أن نكون أمناء للوطن، وأن نتمسّك به، ولا ندير ظهرنا له ونتركه عند أوّل محنة يتعرّض لها. نحن لسنا ضيوفًا كما يعتقد البعض. صحيح أن عددنا قليل لكننا فاعلون للغاية. لقد قلت في الكلمة التي ألقيتها بهذه المناسبة إن الروحانيّة هي القوّة المحرّكة لكل الشعوب إذ تحمل على أكتافها مهمّة تطويرها وازدهارها. وكنتيجة لنشاط البطريرك وجهوده وتفانيه غير المشروط، استحقّ احترام المجتمع الدولي وأصبح عنصرًا فعّالًا في نظر الآخرين».