بيروت, الأحد 28 أغسطس، 2022
وُلِدَ القديس أغسطينوس في العام 354 في مدينة تاغست التي كانت تقع في إحدى مقاطعات الإمبراطوريّة الرومانيّة في شمال أفريقيا، وهي تُعرف اليوم باسم سوق أهراس في الجزائر. كان والده وثنيًّا، وأمّه مسيحيّة، وهي القديسة مونيكا. توجّه أغسطينوس في سنّ الشباب إلى مدينة قرطاج الرومانيّة لكي يدرس القانون وعلم البيان والفلسفة. على الرغم من أنّه ترعرع بحسب مبادئ الديانة المسيحيّة، إلّا أنّه ترك الكنيسة ليتبع الديانة المانويّة، مخيّبًا بهذا التصرّف آمال أمّه. ويُروى أنّ هذا القديس عرف في حياته علاقة غير شرعيّة، فعاش في قرطاج مع امرأة من دون زواج، وأنجبت منه طفلًا دُعِيَ باسم أديودادتوس.
بعدما أمضى أغسطينوس فترةً من الزمن في التدريس في تاغست وقرطاج، قرّر الانتقال إلى روما لاعتقاده أنّه سيجد على أرضها أهمّ علماء البيان، إلّا أنّ ظنّه قد خاب من مدارس روما التي لم تكن بحجم تصوّراته. بدأت حياته تتبدّل في ميلانو، وشرع يبحث عن علّة حياته وسرّ وجوده، وراح يبتعد تدريجيًّا عن المانويّة، بعدما تمّ لقاءٌ بينه وبين أحد أقطاب هذه الديانة، والذي تمثّل بالخيبة. في تلك الحقبة من أيّامه، ذهبت والدته إليه من أجل محاولة إقناعه باعتناق المسيحيّة، فهي لطالما تضرّعت إلى الربّ وذرفت الدموع في سبيل توبته. من ثمّ، سجّل لقاؤه بأسقف ميلانو، وهو أمبروسيوس، بصمة إيجابيّة في تحوّله، حيث أُعجب أغسطينوس كثيرًا بشخصيّته وفكره، فقرّر عندئذٍ ترك المانويّة.
اختبر أغسطينوس الكثير من المذاهب، لكنه لمّا قرأ الكتاب المقدّس، وأدرك أنّ المسيح هو كنزه وسرّ وجدانه، ولامست كيانه بقوّة سيرة القديس أنطونيوس الكبير، فأحسّ حينها برغبته القويّة في اعتناق المسيحيّة. تخلّى أوّلًا عن منصبه في جامعة ميلانو، ومن ثمّ سعى إلى الالتزام في الكهنوت. ويُذكر أنّه نال عشيّة عيد الفصح من العام 387 سرّ العماد على يدي الأسقف القديس أمبروسيوس. بعد تلك الأحداث، عاد إلى أفريقيا وأسّس رهبانيّته، وأصبح واعظًا مهمًّا في الكنيسة، ويُقال إنّه قد تمّ حفظ أكثر من 350 عظة تُنسب إليه. وقد بات محاربًا للبدع والهرطقات المضلّلة لتعاليم الكنيسة، ومنها المانويّة التي كان قد اعتنقها سابقًا.
توفّي أغسطينوس في العام 430 عن عمرٍ يناهز 75 عامًا. وترك كتاباته وما حملت من أبعاد فلسفيّة ولاهوتيّة للكنيسة، حتّى غدت مؤلفاته من أهمّ المراجع المسيحيّة اليوم.