من رحم الآلام، تولد مبادرات نابضة بالمحبّة والإيمان لدعم الإخوة المتألمين في الوطن الواحد.
من القبيّات، تلك البلدة الرائعة المتربّعة في شمال لبنان، انطلقت مبادرة «ص.د.ق» التي تعني صندوق دعم القبيّات، من أجل تقديم الدعم الكامل إلى عائلاتها المحتاجة.
«صدق» مبادرة إنقاذ قبيّاتيّة
في حديث خاص إلى «آسي مينا»، أخبر خادم رعيّة سيّدة الانتقال في القبيّات الخوري نسيم قسطون عن ولادة «صدق»، قائلًا: منذ سنوات عدّة، جمعتُ أرقام أهالي القبيّات وأطلقتُ مجموعات عبر الواتساب لإرسال أخبار البلدة (إعلانات روحيّة، وفيات، إنذارات باندلاع الحرائق، الحاجة إلى أغراض معيّنة). من ثمّ، تحوّلت هذه التجربة إلى مجموعة أخبار القبيّات التي كنا نرسل عبرها الإعلانات المرتبطة بحاجات البلدة ومناسباتها.
وأوضح أن تسمية «صدق» تعود إلى صندوق دعم القبيّات الذي يقدّم المساعدات الشهريّة والاستثنائيّة المقسّمة على الرعايا السبع في البلدة، لافتًا إلى أن مصدر تمويل الصندوق أهل القبيّات داخل لبنان وخارجه.
وأكد الخوري قسطون عدم تلقّي الدعم من أيّ جهة أخرى، وعدم ارتباط الصندوق بأيّ جمعيّة أو مصدر معيّن، مشدّدًا على كونه مبادرة يعمل فيها الكهنة الكاثوليك مع العلمانيين من أجل دعم العائلات للصمود في هذه المرحلة، علمًا بأن مبالغ التبرّعات موثّقة بإيصالات وفواتير، وبلغت حوالى 131.462 دولارًا أميركيًّا حتى الساعة.
وأعرب عن أسفه لغياب دعم كل البلدات من الجهات التي يفترض بها أن تكون أوّل من يضع استراتيجيّات لتدعيم الصمود والوجود.
الكهنة الكاثوليك والعلمانيّون يتحدّون الأزمة
تابع الخوري قسطون سرد مسار انطلاق «صدق»، شارحًا: تزامنًا مع الأزمة الاقتصاديّة التي تعصف بالبلاد، طلب منّي أحد المواطنين مساعدة شخصيّة لحلّ معضلة صحّية متعثّرة، فارتأيت مساعدته بالطريقة عينها التي جمعنا فيها الأموال من خلال خليّة الأزمة المتعلّقة بجائحة كورونا، وكنا نطلب الدعم عبر المجموعات ونرسل الإيصالات عبرها أيضًا، ما مكّن البلدة آنذاك من ضمان أمنها الصحّي في ظلّ الغياب شبه التام للدولة وأجهزتها وفي خلال اندلاع الحرائق أيضًا.
وأضاف: عندئذٍ، أرسلتُ طلب المساعدة على المجموعات التي تضمّ أناسًا من أهالي القبيّات ومغتربيها، وجمعنا مبلغًا كبيرًا من المال يعادل حوالى 50 مليون ليرة، فنجحت عمليّة مساعدة هذه الحالة، وتتالت الحالات المحتاجة إلى الدعم. وهناك ناديان يضمّان المغتربين: الأوّل في أوستراليا، والثاني في كندا. بدأنا نتلقّى المساهمات من داخل البلاد وخارجها.
ولفت إلى أنه اجتمع مع الكهنة الكاثوليك في القبيّات، وقرّروا تقسيم المساعدات على الرعايا السبع التي تقدّم بدورها لائحة تُبْرِز عدد المستفيدين والمبالغ والحاجات الموزّعة على المواطنين.
وختم الخوري قسطون حديثه عبر «آسي مينا»، آملًا في استمرار هذه المبادرة وتحوّلها إلى صندوق دائم داعم للبلدة لا بالتقدمات فقط بل على مستوى الإنماء الشامل، على الصعد الإنسانيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، ولا سيّما أن هذه البلدة ركيزة للوجود المسيحي عامّة والكاثوليكي خاصّة في عكار، فضلًا عن تعميم هذا النموذج على مستوى لبنان للتمكّن من دعم صمود الناس في بلداتهم وقراهم، واستمرار الوقوف إلى جانب بلد الأرز في ظلّ انخفاض تمويل مشاريع الدعم لأن لبنان في أزمة تفوق قدرة شعبه على تحمّلها.
مديرة التحرير السابقة في «آسي مينا»، صحافيّة لبنانيّة ملتزمة. سعيت دومًا في مسيرتي المهنيّة إلى حمل شعلة البشارة باسم يسوع المسيح وإيصال كلمته إلى أقاصي الأرض.
الأكثر قراءة
1
2
3
4
5
اشترك في نشرتنا الإخبارية
رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته
في ظل الواقع المأزوم في لبنان، كيف نتمسّك بالرجاء؟ ما دور الكنيسة في دعم المؤمنين المتخبّطين في أزماتهم؟ كيف يصنع المؤمنون التغيير على الرغم من محدوديّة إمكانيّاتهم؟