فامتدح يسوع «إيمانها العظيم» وشفى ابنتها للحال (الآية 28).
5.إيمان المرأة الكنعانيّة المجبول بالرجاء والمحبّة دعوة ومثال لنا جميعًا، ولكلّ إنسان. دعوة ومثال لشعبنا في محنته الاقتصاديّة والمعيشيّة والمعنويّة والروحيّة. دعوة ومثال للمسؤولين المدنيّين والسياسيّين عندنا لكي ينحنوا بالرحمة على شعبنا المتألّم، ويتخلّوا، ولو لمرّة، عن مصالحهم ومكاسبهم غير الشرعيّة، ويخرجوا من ذواتهم وأنانيّتهم وكبريائهم، ويتواضعوا.
لو فعلوا ذلك مرّة، لما أوصلوا الدولة إلى التفكّك، والشعب اللبناني إلى البؤس وحالة الفقر المدقع.
6.بالنسبة إلينا، يبقى إيماننا ثابتًا وراسخًا بأنّ الله هو سيّد التاريخ، لا النافذون. وهو يتدخّل ساعة يشاء وكيفما يشاء. من واجبنا الكنسيّ أن نخاطب ضمائر المسؤولين ونحضّهم على تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات تتحمّل مسؤوليّاتها الدستوريّة في كلّ يوم، ونحضّهم على انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة ضمن المهلة الدستوريّة من دون زيادة يوم واحد.
من المعيب حقًّا أنّه منذ سنة 1988، أمسى تعطيل انتخاب رئيس الجمهوريّة في لبنان عادةً، كأنّ المعطّلين يسعون إلى إيهام اللبنانيّين بأنّ الرئاسة الاولى منصب شرف لا ضرورة مطلقة له، فالدولة تسير بوجود رئيس أو بدونه. فهل هي المرحلة النهائيّة في مخطّط تغيير النظام والانقلاب على الطائف وإسقاط الدولة؟ لا يظننّن أحد أن الأمر بهذه السهولة.
وليتذكّر الجميع أنّ رئاسة الجمهوريّة هي ركيزة نشوء الكيان اللبناني ورمز وحدة لبنان. فبدون رئيس لا رمز ولا وحدة لبنانيّة. ولذلك أيضًا نطالب برئيس يكون على مستوى الكيان والشعب والرمزيّة الوطنيّة، يبعث روح النهضة بالشعب ويرسم حدود الدولة ليس مع الدول المحيطة بلبنان فقط، بل مع قوى لبنانيّةٍ تتصرّف كأنّ لا منعة ولا حدود ولا كرامة للدولة والشرعيّة والجيش.
7.عندما نقول: لا نريد رئيس تحدٍّ، لا نعني أبدًا أننا نريد رئيسًا يتحدّاه الجميع. إنّ قدرة الرئيس على مواجهة التحدّي والتحدّيات تنبع أساسًا من أخلاقه ومناعته أمام الإغراءات وصموده أمام الترهيب واحتكامه إلى الدستور ورجوعه إلى الشعب في المفترقات المصيريّة. وقدرته هي خبرته في الشأن العام والوطني، وفي كونه لا يأتي على أساس دفتر شروط هذا الفريق أو ذاك، بل على أساس رؤيته هو لمصير لبنان. ولذا، نطلب من جميع الأطراف المعنيّة بهذا الاستحقاق الرئاسيّ إطلاق حركة اتصالات ومشاورات علّها تتفق على مرشح يتميّز بهذه الصفات.
8.يتحدّث العديد من المسؤولين عن تحديد دولار جمركي بسعر 20 ألف ليرة، مما سوف يزيد الكُلَف على المواطنين، وذلك لتغطية زيادة رواتب في القطاع العام.
إنّ العدالة لا تستقيم بأن تأخذ الدولة من أناس مُنهَكين لتعطي أُناسًا مُنهكين أيضًا، فالعطاء العادل يجب أن يكون من النمو الاقتصادي المستدام استنادًا إلى خطّة تعافٍ وُعِدنا بها ولا نزال ننتظِرها منذ أشهر لا بل منذ سنوات. ونتساءل: أين قانون الكابيتال كونترول؟ وأين قانون الموازنة وقد انقضى من السنة ثمانية أشهر؟
أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء،
9.أمام كل ذلك وبالرغم من العتمة، لنجدّد إيماننا بالله القادر على تغيير وجه الكون ومجرى التاريخ، ولنثبت في الرجاء كفعل حبّ لله الذي يعتني بكلّ إنسان، أيًّا يكن، من أجل أن «يبلغ إلى الحقيقة وينال الخلاص» (راجع يو 10: 9). لله الواحد والثالوث، الآب والابن والروح القدس، كلّ مجد وشكر وتسبيح، إلى الأبد، آمين.
(تستمر القصة أدناه)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
تأسست وكالة الأنباء الكاثوليكية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "آسي مينا" في 25 آذار 2022، عيد بشارة السيّدة مريم العذراء، بعد عام واحد على الزيارة التاريخية للبابا فرنسيس إلى العراق. "آسي مينا" جزءٌ من مجموعة CNA/ACI، وهي إحدى خدمات أخبار EWTN.