اتخذ البابا فرنسيس في السنتَيْن الأخيرَتَيْن قرارَيْن يعكسان وجه الإصلاح الذي يرغب به؛ الأوّل نشر الدستور الرسولي الجديد «أعلنوا الإنجيل» الذي ينظّم وظائف الكوريا الرومانيّة ومهامها، والثاني نشر البراءة الباباويّة «حرّاس التقاليد» التي تحدّ من الاحتفال بالقدّاس اللاتيني التقليدي بعدما كان سلفه البابا بندكتس السادس عشر قد سمح به منذ 15 عامًا. في الواقع، الدستور الجديد والبراءة المذكورة يكشفان وجه الإصلاح الذي يرغب به البابا للكوريا الرومانيّة، وهما الأداتان الأساسيّتان لتحديد خطّ الإصلاح المستقبلي.
فنتيجة للدستور الجديد، لم يعد للعديد من الكهنة الذين خدموا في الدوائر الفاتيكانيّة دورٌ هناك. كما دُعي آخرون لمغادرة روما لأنّهم أنهوا سنوات خدمتهم ولم يتمّ تجديد مواقعهم. وتجانسًا مع «حرّاس التقاليد»، تحدّث البابا مرارًا وتكرارًا عن خطر «التخلّف» والنظر إلى الوراء، مدافعًا عن قراره بالحدّ من الاحتفال بالقدّاس اللاتيني التقليدي، معتبرًا الأمر ضروريًّا.
مفاعيل الدستور
بعد دخول الدستور الرسولي حيّز التنفيذ، لم يشرع فرنسيس على الفور في تسمية رؤساء للدوائر وتعيينهم. فعلى سبيل المثال، دائرة الثقافة والتربية الفاتيكانيّة تأتي نتيجة دمج مجمع التربية الكاثوليكيّة بالمجلس البابوي للثقافة. ورئيس مجمع التربية الكاثوليكيّة الحالي هو الكاردينال جوزيبي فيرسالدي بينما رئيس المجلس البابوي هو الكاردينال جيانفرانكو رافاسي. سيبلغ رافاسي 80 عامًا في 18 أكتوبر/تشرين الأوّل المقبل، بينما بلغ فيرسالدي 79 عامًا في 29 يونيو/حزيران الماضي، هما تجاوزا سنّ التقاعد بكثير ولم يتمّ تعيين بديل لهما بعد. ومن ناحية أخرى، تمّ إعفاء سكرتير ووكيل مجمع التربية الكاثوليكيّة من منصبيهما.
خمس سنوات قد تكون كافية
مثلٌ آخر على مفاعيل الدستور والبراءة ما حدث مع المونسنيور ماتّيو فيسيولي. منذ العام 2017، كان فيسيولي يشغل المنصب الثالث في تراتبيّة مجمع عقيدة الإيمان. مع الإصلاح الجديد، كان يُنتظر أن تتمّ ترقية فيسيولي إلى منصب سكرتير، لكن شخصًا آخر سيُعيّن سكرتيرًا للقسم التأديبي وآخر بعد للقسم العقائدي هما المونسنيور جوزف كينيدي للتأديبي والمونسنيور أرماندو ماتّيو للعقائدي. بهذا بقي فيسيولي خارجًا ليعود إلى أبرشيّته الأصليّة في بارما حيث سيكون خوري رعيّة في بلدة فورنوفو الصغيرة. وبهذا نرى أنّ منصبه الجديد هو الأثر الأوّل للإصلاح: فهو لم يبقَ في الفاتيكان لأكثر من خمس سنوات، بل يعود إلى الأبرشيّة تكليفه بأيّ منصب حسب رتبته.