2.هذا العيد الذي نحتفل به معكم ومع كلّ الشعب المسيحي في العالم هو أعظم أعياد السيّدة العذراء. فأهنّئكم به جميعًا ملتمسين من أمّنا السماويّة مريم أن تقود سفينة حياتنا وعائلاتنا ووطننا وكنيستنا، عبر البحر الهائج بأمواجه ورياحه، بأزماته ومفاعيلها السياسيّة والاقتصاديّة والماليّة والأمنيّة إلى ميناء الأمان. إني أحيّيكم جميعًا مع تحيّة خاصّة لأنسبائي من بيت عمّنا، وقد ودّعنا معهم بالأسى الشديد والصلاة صهرنا المرحوم طوني أبو رجيلي، ودّعناه مع والدته وزوجته عزيزتنا كارلا، وابنته وابنه وشقيقيه وأعمامه وعائلاتهم وبيت حميّه وسائر أنسبائه الأحبّاء. نصلّي في هذه الذبيحة المقدّسة لراحة نفسه وعزاء أسرته.
وكم آلمتنا حادثة الحريق في كنيسة القدّيس أبو سيفين في منطقة الجيزة في القاهرة، وقد أدّى إلى وفاة أكثر من أربعين مؤمنًا ومؤمنة وعشرات الجرحى. فإنّا نعزّي من صميم القلب أخانا المحبوب البابا تواضروس والكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة الشقيقة وعائلات الضحايا، فنصلّي لراحة نفوسهم وشفاء الجرحى.
3.لقد تتوّجت عظائم الله في مريم أمّ يسوع، ابن الله المتجسّد، مخلّص العالم وفادي الإنسان، بانتقالها بالنفس والجسد إلى السماء، وبتكليلها من الثالوث القدّوس سلطانة السماوات والأرض. وهذه عقيدة إيمانيّة أعلنها المكرّم البابا بيّوس الثاني عشر في أوّل تشرين الثاني سنة 1950.
4.أما ما سبقها من عظائم كانت أساس انتقالها فهي:
أ-اختيار الله لها في سرّ تدبيره الخلاصيّ لتكون أمّ ابنه مخلّص العالم، فعصمها من دنس الخطيئة الأصليّة منذ اللحظة الأولى لتكوينها في حشا أمّها، وملأها نعمة مكّنتها من التجاوب مع تدبير الله بكلمة «نعم» ومن تكريس ذاتها له بطاعة الإيمان. إنّ عقيدة الحبل بلا دنس أعلنها البابا الطوباويّ بيّوس التاسع في 8 كانون الأوّل 1854. هذا يعني أنّ كلّ كائن بشريّ يتكوّن بالحبل في بطن أمّه، هو شخص بشريّ له فرادته، معروف من الله ومراد ومحبوب. لذلك، فإن التعدّي على الأجنّة كالتعدّي على أيّ إنسان مع الفرق أن هذا الجنين لا يستطيع الدفاع عن نفسه.
ب-بتوليّة مريم العذراء قبل ولادة ابنها وخلالها وبعدها. إنّها دائمة البتوليّة كما علّمت المجامع المسكونيّة (المجمع اللاتراني سنة 649، المجمع الفاتيكاني الثاني في الدستور العقائديّ في الكنيسة، 57). لقد كرّست مريم نفسها وجسدها لإرادة الله الخلاصيّة، ولشخص ابنها وسرّ الفداء كأمة للربّ (لو 1: 38). وحبلت بابنها، وهي عذراء بقدرة الروح القدس، كما أعلن المجمع اللاتراني سنة 649. وسبق أشعيا وتنبّأ قبل 500 سنة: «هوذا العذراء تحبل وتلد ابنًا يدعى عمانوئيل أيّ الله معنا» (أش 7: 14/متى 1: 23).