هاجم مستوطنون إسرائيليون فجر الاثنين الماضي بلدة الطيبة المسيحيّة شرقي رام الله، في اعتداء جديد من ضمن سلسلة هجمات متزايدة تطال مناطق في الضفة الغربية.
يعدُّ المسيحيّون في الأردن من أقدم المجتمعات المسيحيّة على مستوى العالم، إذ استقرّوا في هذه المنطقة منذ بداية القرن الأوّل الميلاديّ، وكان لهم دور بارز في الأراضي المقدّسة، مهد المسيحيّة.
أكّد السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي أنّ «أيّ تدنيس لمكان مقدّس، سواء كان كنيسة أم مسجدًا أو كنيسًا يهوديًّا، عمل إرهابي وجريمة؛ فأماكن العبادة تمثّل آخر الحصون المتبقية لحضارتنا».
في سابقة ذات دلالة كبيرة، دخل بطريرك القدس للاتين الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا وبطريرك القدس للروم الأرثوذكس ثيوفيلوس الثالث، إلى غزة صباح اليوم على رأس وفد كنسي مشترك.
في تصعيد جديد على مستوى استهداف الأماكن الدينية والمدنية، تعرّضت كنيسة العائلة المقدسة للاتين في غزة اليوم لقصف إسرائيلي، أدى إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين والمؤمنين.
حمَّل رؤساء الكنائس في القدس السلطات الإسرائيلية مسؤولية «تسهيل وتمكين» اعتداءات المستوطنين. وحذّروا من أنّ صمت الشرطة الإسرائيلية أمام نداءات الطوارئ هو شكل من أشكال التواطؤ.
دعت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين رؤساء الكنائس في العالم إلى كسر الصمت واتخاذ موقف واضح وعلني إزاء ما يتعرض له الفلسطينيون، وخصوصًا المسيحيين في الأراضي المقدسة، من «انتهاكات ممنهجة ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في مخالفة صارخة للقانون الدولي والمبادئ الأخلاقية والروحية».
في مشهد يتكرر ويتصاعد بشكل مقلق، تواجه بلدة الطيبة شرقي رام الله –آخر بلدة فلسطينية في الضفة الغربية يقطنها سكان مسيحيون بالكامل– اعتداءات مستمرة ينفذها مستوطنون إسرائيليون ضد الأهالي وممتلكاتهم وأراضيهم الزراعية.
في قرار يحمل دلالات روحيّة وإنسانيّة، صادق البابا لاوون الرابع عشر في 24 يونيو/حزيران على انتخاب الأب فرنشيسكو يِلبو، من رهبنة الإخوة الأصاغر الفرنسيسكان، حارسًا جديدًا للأراضي المقدّسة وقيّمًا على جبل صهيون، خلفًا للأب فرنشيسكو باتون الذي اختتم خدمته بعد تسع سنوات في هذا المنصب الحسّاس.
شدّد بطريرك القدس للاتين الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا على أنّ الكنيسة الكاثوليكيّة في الأراضي المقدّسة «أكثر نشاطًا ممّا قد يظنّ الناس». وتعقيبًا على التصعيد العسكريّ بين إيران وإسرائيل، أوضح أنّ ثمّة مبادرات وجهودًا تُنفَّذ بعيدًا من الأضواء «كي نكون أكثر فاعليّة».
منذ اندلاع المواجهة العسكريّة بين إسرائيل وإيران في يونيو/حزيران 2025، تشهد الأراضي المقدّسة شللًا اقتصاديًّا وأمنيًّا غير مسبوق، فاقمته آثار الحرب المستمرّة في قطاع غزّة منذ أكتوبر/تشرين الأوّل 2023. والمجتمع المسيحيّ هو من بين الفئات الأكثر تضرّرًا، لا سيّما في مدن مثل بيت لحم والقدس تعتمد على قطاع السياحة والحجّ بوصفه مصدرَ دخلٍ أساسيًّا.
بمناسبة مرور 1700 عام على انعقاد مَجْمَع نيقيا الأوّل، ألقى بطريرك القدس للّاتين الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا خطابًا من مقرّ البطريركيّة، أكّد فيه الأثر العميق والدائم لهذا الحدث المفصليّ في تاريخ الكنيسة، داعيًا إلى تجديد شهادة الإيمان بروح المجمع ونوره.
مع بدء انعقاد مَجْمَع الكرادلة في الفاتيكان لانتخاب حبر أعظم جديد خلفًا للبابا فرنسيس، يعيش العالم الكاثوليكيّ لحظة محوريّة، روحيّة وتاريخيّة.
«لم يكُن البابا زعيمًا فحسب... كان أبًا حقيقيًّا لنا». بهذه الكلمات، عبّر جورج أنطون، رئيس لجنة الطوارئ في كنيسة العائلة المقدّسة للاتين في غزّة ومدير عمليّات كاريتاس، عن وقع خبر وفاة البابا فرنسيس على قلوب مسيحيّي غزّة الذين عاشوا معه علاقة استثنائيّة.
قدَّم بطريرك القدس للاتين، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، رؤيةً عميقةً لهوية الكنيسة في القدس. وقال: «نحن كنيسة الجلجلة، نعم، لكننا أيضًا كنيسة المحبّة، التي لا تنام وتسهر وتغفر وتبذل ذاتها». وأكّد أنّ المسيح المصلوب ليس رمزًا للألم فحسب، بل رمز للغفران والحياة الجديدة.
في مدينة القدس القديمة، حيث تتعانق الروحانيّة مع التاريخ، تقع كنيسة القيامة التي تُعَدّ من أقدس المواقع المسيحيّة في العالم. في هذه الكنيسة، وتحديدًا في خلال أسبوع الآلام وعيد الفصح، تتّجه أنظار المسيحيّين من مختلف أنحاء العالم إلى خمس مراحل خالدة من درب الصليب، تُجسّد اللحظات الأخيرة في مسيرة يسوع نحو الموت والقيامة.
على المنحدرات الجنوبيّة لجبل صهيون في القدس، تقع كنيسة القدّيس بطرس الكاثوليكيّة التي تعرف باسم «جاليكانتو»، وهو مصطلح لاتينيّ يعني «صياح الديك».
في قلب مَجْمَع كنيسة القيامة، أقدس المواقع المسيحيّة، وعلى بُعد أمتار من المكان الذي يُعتقَد أنّه شهد صلب السيّد المسيح ودفنه، اكتشف علماء آثار دليلًا أثريًّا جديدًا يتناغم بشكل لافت مع ما ورد في الإنجيل بحسب يوحنّا: «وكانَ في المَوضِعِ الَّذي صُلِبَ فيهِ بُسْتان، وفي البُستانِ قَبرٌ جَديد لم يَكُنْ قد وُضِعَ فيهِ أَحَد» (يو 19: 41).
تحلّ الاحتفالات بعيد الفصح هذا العام في الأرض المقدّسة وسط مشهد معقّد تسوده مشاعر متضاربة تتأرجح بين الحزن والرجاء، في ظلّ استمرار الحرب في غزّة، والتصعيد الأمنيّ في الضفّة الغربيّة والقدس.
فيما تشهد المدينة المقدّسة توتّرًا دينيًّا متصاعدًا، أصدر مركز روسينغ للتعليم والحوار ومركز توثيق الحرّية الدينيّة تقريرَين جديدين يُظهران ارتفاعًا غير مسبوق في الهجمات والمضايقات ضدّ المسيحيّين في إسرائيل والقدس الشرقيّة، بلغت 111 حادثة موثّقة في عام 2024 وحده.