في علاقتنا بالله، تغمرنا الشكوك وتكدّرنا وتعرقل مسيرتنا الإيمانيّة، خاصّةً حين نكتفي بها من دون البحث عن إجاباتها في المكان المناسب...
قرأتُ يومًا ما مختصره أن كلّ القبور عليها شواهد تفيد بأسماء الراقدين فيها ما عدا القبر المقدّس الفارغ لأن من كان يُفترض أن يرقد فيه قد قام من بين الأموات وغلب الموت بالموت واهبًا الحياة للّذين في القبور!
تحتفل الكنائس التي تتبع الطقس الغربي بعيد الشعانين اليوم، وتتأمّل في النصّ الآتي من إنجيل يوحنا: يو 12: 12-22.
ليقم كلّ منّا باختبار بسيط: لنغمض عيوننا لفترة معيّنة... سنلاحظ أننا نركّز في مرحلة أولى على السواد والظلمة، ونتنبّه بعدها للأصوات إلى درجة أن أدناها سيصبح واضحًا بالنسبة إلينا...
إنّه الأحد الخامس من زمن الصوم وفيه نتأمّل معًا، في الطقس الماروني، في آية شفاء المخلّع (مرقس 2: 1-12).
في الأسبوع الرابع من الصوم في الطقس الماروني، نتأمّل في مثل الابن الشاطر. يبيّن لنا هذا النصّ علاقة معقّدة بين أبٍ لا ترتبط أبوّته بالظروف أو المتغيّرات، وابنين أنكر كلّ منهما بنوّته على طريقته: -فالأصغر تنازل عن بنوّته من أجل قليلٍ من اللّذة، وما عقابه إلا نتيجة حتميّة لسوء تدبيره وقلّة بصيرته. -أما الأكبر، فأنكر بنوّته وأخوّته من فرط حرصه على ما يملك.
في الأحد الثالث من زمن الصوم وفق التقويم الماروني، تتأمّل الكنيسة في نصّ من إنجيل القديس لوقا (8: 40-56) يتداخل فيه شفاءان: إحياء ابنة يائيروس وشفاء النازفة.
في الأحد الثاني من زمن الصوم في الكنيسة المارونيّة، نتأمّل في مشهديّة لقاء الربّ يسوع المسيح مع الأبرص بحسب الإنجيلي مرقس (مرقس 1: 35-45).
يبدأ زمن الصوم في الطقس الماروني بأحد عرس قانا الجليل... قد يستغرب كثيرون الربط ما بين العرس والصوم، وهم محقّون في ذلك إن كانوا ممّن يربطون الصوم بالحزن أو الحرمان... لذا، فلنعد إلى النصّ لنجد جوابًا عن السؤال... المعضلة في النصّ هي في نقص الخمر أي تعود إلى الجانب البشري، بينما نجد أن الحلّ يأتي من الجانب الإلهي. يرمز الخمر إلى ما يمنح البشر السعادة الموقّتة في مناسباتهم السعيدة عادةً أو ما يُنسي البعض موقّتًا همومهم الكثيرة... الخمر يبدو في هذه الحالة كالمخدّر أو دواء الأعصاب، يصلح لمدّة أو لفترة معيّنة، من دون معالجة المشكلة في العمق! يرمز نقص الخمر في هذا النصّ إلى افتقاد البشريّة السعادة الحقيقيّة والسلام الداخلي اللذين لا يمكن أن ينبعا خارجًا عن الله ومحبّته... لذا، نجد أن «عائلة الله» تتدخّل لتجد الحلّ، فمريم تأمر الخدم بإطاعة الربّ، فيما هو يعطي الخمر الذي سيسمح باستكمال الفرح البشري الناقص بخمر فرح لا يزول ولا ينقص لأن نعمة الله لا تنضب ولا تنقص ولا تعتق والأهمّ: لا تُستبدل!
في الأحد الثالث من آحاد التذكارات في الطقس الماروني، نصلّي من أجل الموتى المؤمنين. مفهوما الحياة والموت مفهومان غامضان لدى معظمنا... فالطابع المادّي طاغٍ على مقاربتنا للحياة إذ يكفي أن توجّه إلى أحدهم السؤال: «كيف أحوالك؟» ليشرع بتعداد خيراته المادّية أو الشكوى من النواقص لديه. أمّا مقاربته للموت، فتنبع من الخوف المبدئي، لكنّه يشعرك كأنّه سيعيش ألف عامٍ حين يحدّثك عن مشاريعه المرتقبة!
في الطقس الماروني، نستذكر في الأسبوع الثاني من أسابيع التذكارات «الأبرار والصديقين».
في الطقس الماروني، نبدأ الفترة الاستعداديّة للصوم بأسابيع ثلاثة نستذكر في خلالها على التوالي الراقدين من الكهنة والأبرار والموتى المؤمنين.
في مجتمعاتنا، نجد أنّ المحبّة في قاموس البعض هي مجرّد كلماتٍ فقط... أمّا في عرف الله، فهي فعلٌ ثابتٌ لا مجرّد إحساسٍ أو شعورٍ يضعف أو يضمحلّ مع الوقت... هذا ما يتبيّن لنا من خلال حوارٍ شيّق بين معلّم الشريعة «العتيق» نيقوديموس ومعلّم «شريعة المحبّة» يسوع المسيح، حفظه لنا يوحنا الإنجيلي (يو 3: 1-16).
في الكتاب المقدّس (يو 1: 35-42)، نقرأ عن تلميذَيْن للمعمدان تبعا الربّ يسوع، بعدما أشار يوحنا إليه قائلًا: «هَا هُوَ حَمَلُ الله!». رآهما الربّ، ودعاهما قائلًا: «تَعَالَيَا وانْظُرَا»، فتبعاه وأَقَامَا عِنْدَهُ ذلِكَ اليَوم!
في مطلع إنجيل يوحنا، نقرأ شهادتَيْن ليوحنا المعمدان عن الربّ يسوع المسيح: -الشهادة الأولى هي: «هَا هُوَ حَمَلُ اللهِ الذي يَرْفَعُ خَطِيئَةَ العَالَم!» (يوحنا 1: 29) -الشهادة الثانية هي: «وأَنَا رَأَيْتُ وشَهِدْتُ أَنَّ هذَا هُوَ ابْنُ الله» (يوحنا 1: 34).
نفتتح اليوم زمنًا طقسيًّا جديدًا هو زمن الدنح الذي يرتبط بتجلّي الثالوث الأقدس في حدث المعموديّة من خلال صوت الآب وعماد الابن وحلول الروح القدس! نتأمّل في وحدة الثالوث الأقدس جوهريًّا وفي تجلّيه في حياتنا بثلاثة أقانيمٍ لا انقسام فيها بل تكاملٌ أزليّ يدفق حبًّا منذ الخلق حتى يومنا مرورًا بكلّ أحداث الخلاص من التجسّد إلى الموت والقيامة فالعنصرة وولادة الكنيسة...
في هذا اليوم الذي تنطلق فيه مسيرة عامٍ جديد، لا بدّ لكلّ واحدٍ منّا أن يقف أمام ذاته ليميّز، على ضوء كلام الربّ، ما الذي يحتاج أن يجدّده في حياته كي يكون أكثر انسجامًا مع كونه مسيحيًّا، فيقرن مسيحيّته الانتمائيّة بمسيحيّته العمليّة في خلال العام الجديد!
في يوم عيد الميلاد، لا يمكن لأيّ إنسانٍ مسيحي إلا أن يتوقّف أمام عظمة سرّ التجسّد الإلهي! الله، خالق هذا الكون وما فيه، يتجسّد طفلًا صغيرًا معرّضًا لشتّى أنواع المخاطر ولاحقًا الاضطهاد الذي لاحقه منذ الطفولة حتى لحظة الصلب التي أدّت إلى الموت فالقيامة! كم يحبّنا هذا الإله الذي «أخلى ذاته» (فيليبي 2: 7) كلّيًا «من أجلنا ومن أجل خلاصنا» (كما نقول في قانون الإيمان).
نقرأ في إنجيل لوقا ما يلي: «في تلك الأيّام، صدر أمر عن القيصر أوغسطس بإحصاء جميع أهل المعمورة. وجرى هذا الإحصاء الأوّل لمّا كان قيرينيوس حاكم سوريا، فذهب جميع الناس ليكتتب كلّ واحدٍ في مدينته. وصعد يوسف أيضًا من الجليل، من مدينة الناصرة إلى اليهوديّة، إلى مدينة داوود التي يُقال لها بيت لحم، فقد كان من بيت داوود وعشيرته ليكتتب هو ومريم خطيبته وكانت حاملًا (لوقا 2: 1-5).
حين نتأمّل في حدث ولادة يوحنا المعمدان، نجد مواقفَ عدّة تخرق رتابة الأحداث اليوميّة في حياة من عاصروها بما حملت من عناصر مفاجئة كسرت التقاليد المعتادة، وجعلت من هذا الحدث مقدّمةً لمسيرة حياةٍ استثنائيّة بكل أبعادها، وتتلخّص في كلمتَيْن: يوحنا المعمدان.