تتردّد أصداء الحرب التي يختبرها لبنان والأراضي المقدّسة في مختلف أصقاع العالم. ومن سيدني الأسترالية التي تحتضن جالية لبنانية مسيحية معتبَرة وفاعلة، رُفِعت الصلوات على نيّة السلام في بقعتَي الألم: بلاد الأرز وموطن يسوع.
باكرًا بدأ مسلسل الاعتداءات على رموز الميلاد في لبنان هذا العام. مسدّس قرب مغارةٍ ميلاديّة في بلدة فاريا (قضاء كسروان، جبل لبنان). مشهد أثار غضب الأهالي ودفعهم إلى التجمّع في الساحة على وقع قرع أجراس الكنائس ومحاولات تهدئة النفوس المشحونة بحضور القوى الأمنية.
بغصّةٍ يخترقها الأمل، استذكر لبنان استقلاله اليوم. بدت كلمة «احتفال» ثقيلة على ألسنة اللبنانيين الغارقين في حرب مستمرّة منذ شهرَين. بقهرٍ محفوفٍ برجاءٍ لا ينضب، صلّى مسيحيّو البلاد، كنيسةً وقادةً وشعبًا، من أجل استعادة سلامٍ ما هنئت به بلاد الأرز يومًا.
بين لبنان والبرازيل قلوبٌ أبعدتها المسافات من دون أن تُنسيَها الأرض الأمّ. هناك، ملايينُ اللبنانيين يصلّون من أجل الوطن الغارق في الحرب والدمار، وكنيسةٌ تواكبهم في كلّ زمان وظرف. بحزنٍ لا يهجره الرجاء، ينتظر هؤلاء قيامة لبنان المنتظرة باستعادة السلام المنشود. وفي ذاك الرجاء تلاقيهم الكنيسة المارونية في البرازيل من خلال زياراتٍ تفقّدية آخرها لرئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف.
أوضحت مطرانية طيبة للأقباط الكاثوليك ملابسات حادثة الاعتداء على كنيسة السيدة العذراء في قرية المريس التابعة لمحافظة الأقصر المصرية.
من حريصا، رفعَ موارنة لبنان صلواتهم إلى الإخوة المسابكيين الثلاثة الذين أُعلِنت قداستهم أخيرًا. في قدّاس شكر احتضنته بازيليك سيّدة لبنان بمرأى من تمثالها الشهير، احتشد المؤمنون بحثًا عن لحظات سكينة وسلام في بلدٍ تسلبه الحرب ملامح السكينة والسلام.
تتواصل جلجثة لبنان مع الحرب، ومعها تتواصل آلام الصامدين في وطنهم والبعيدين عنه. بقلقٍ كبير وصلوات كثيرة ودعم متشعّب يواكب المغتربون أوضاع بلدهم وأهلهم. عيونهم وقلوبهم هناك مهما طالت المسافات. صمتت الحياة ظرفيًّا في أجزاء واسعة من البلاد، لتنبض في شوارع كندا طوال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
كنيسة جديدة انضمّت رسميًّا إلى بيت العائلة الإبراهيمية في أبوظبي-الإمارات العربية المتحدة. فقد شهدت النيابة الرسولية لجنوب الجزيرة العربية محطّة مهمة هذا الشهر بعد مباركة كنيسة القديس فرنسيس الأسيزي وتكريس مذبحها في احتفال ضمّ عددًا من الشخصيات الدينية وممثلي المجتمع المسيحي المحلّي.
طالب المطارنة الموارنة «المجتمع الدولي بالحل الدبلوماسي للحرب الدائرة بين حزب الله وإسرائيل، وبإقرار وقف فوري للنار وتطبيق القرار 1701 تمهيدًا لعودة النازحين إلى بلداتهم وبيوتهم».
لا تردع فصول الحرب المتتالية شبيبة لبنان المسيحيّة ولا تشلّ حركتها ونشاطاتها. على إيقاع الحرب تواصل الحركات الكشفيّة وشبيبة مختلف الأبرشيات مبادراتها. تتّحد تارةً في الصلاة من أجل السلام، وتحتفل طورًا بسنتها في قداديس لا تغيب عنها هواجس الحرب. ومع ذلك، تحمل الشبيبة المسيحيّة شعلة الرجاء من خلال تضميد جرح العنف وتحدّي الظروف القاهرة المفروضة على البلاد.
شبيبة أبرشية بيروت المارونية دعت، والرعايا المنتشرة على امتداد الوطن الحزين لبّت. بقلوبٍ يملؤها الإيمان والرجاء، تلتقي الشبيبة المارونية طوال هذا الأسبوع للصلاة على نيّة السلام في لبنان.
في وطنٍ تُغرِقه حربٌ مدمّرة، تُسجِّل الكنيسة ديناميّةَ إيمان ورجاء. لا تتوقّف القداديس والنشاطات في الأبرشيّات خصوصًا تلك التي ما زالت بمنأى نسبيّ عن الآثار المباشرة للتصعيد العسكريّ. ديناميّة حاضرة على امتداد الوطن عمومًا، وفي أبرشية جبيل المارونية خصوصًا.
لبنان يتألّم من فصول الحرب المستمرّة... الكنيسة لا تتوقّف عن الصلاة... المؤمنون يتضرّعون إلى الربّ ويطلبون شفاعة قدّيسي بلد القدّيسين من أجل استعادة السلام. على الخطّ نفسه تنشر الرهبانيّة المارونيّة المريميّة عطر الرجاء في أرجاء البلد الغارق في مآسيه، مسلّمةً إيّاه إلى يسوع ملك السلام وحمل الله.
تتعاقب المبادرات الدوليّة بشأن لبنان، وتتراكم المساعدات الإغاثيّة المرسَلة إليه، فيما المطلوب الجوهري: وقف النار. في بلدٍ باتت أجزاء كبيرة منه ركام حجر، يتمسّك اللبنانيون عمومًا والمسيحيون خصوصًا بكلّ خيط أمل يوحي بأنّ صوت الدبلوماسيّة يعلو على صوت الميدان الصاخب.
إلى لبنان الغارق في حربٍ مدمّرة تتّجه عيون المغتربين اللبنانيين عمومًا والمسيحيين خصوصًا. في قلب رعاياهم الاغترابيّة يصلّون لأهلهم في الوطن الجريح، وينتظرون خبرًا أو رسالةً تقوّي رجاءهم بالسلام الآتي. ومن بين هؤلاء موارنة أفريقيا الذين وصلتهم قبل ساعاتٍ رسالة خاصّة من رأس كنيستهم.
شرح النائب الرسولي لجنوب شبه الجزيرة العربية المطران باولو مارتينيلي أنّ العمل على الحوار بين الأديان في اليمن يحمل معنى خاصًّا. فهناك جماعتان لراهبات الأم تريزا وكاهن يضطلعون بحوار بين الأديان عبر خدمة المحبّة، على حدّ تعبيره.
نعت الكنيسة الكاثوليكية في مصر مع رئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق ضحايا حادثة انقلاب حافلة طلاب جامعة الجلالة. وقعت الحادثة على طريق السويس-العين السخنة في مصر، وأسفرت عن مقتل 12 طالبًا وطالبة من بينهم طالبة كلّية الطبّ ميريام ميلاد فوزي واصف سعد، فتاة مسيحية من محافظة المنوفية.
على وقع دويّ الحرب في لبنان واتّساع رقعتها إلى مناطق مختلفة، وأمام تفاقم مشهديّة النزوح، تحرّك رؤساء الطوائف اللبنانيّة تحت عباءة بكركي في سبيل الدفع معًا باتجاه إنقاذ الوطن الجريح.
تتّسع رقعة التصعيد العسكريّ في لبنان لتبلغ مناطق لم تكن واقعة ضمن نطاق الاستهداف وتحديدًا في محافظتَي جبل لبنان والشمال. مشهد يقابله احتدام المعارك بين حزب الله وإسرائيل في قرى الحدود الجنوبيّة، واشتداد وتيرة الغارات على البقاع مقابل تراجعها في الضاحية الجنوبيّة لبيروت.
على رجاء انجلاء كابوس الحرب يعيش اللبنانيون المغتربون في أصقاع العالم. قلوبهم تنبض للوطن الأمّ، وبالهم مع أهلهم الباقين في لبنان وسط تصعيد عسكريّ غير مسبوق منذ العام 2006. هؤلاء، يواصلون الصلاة على نيّة عودة السلام إلى ربوع بلدهم، ويمدّون ذويهم بمقوّمات الصمود.