القدس, الخميس 28 يوليو، 2022
تحتفل البطريركيّة اللاتينيّة في القدس بمرور 175 عامًا على تأسيسها، بعدما توارت عن الأراضي المقدّسة لمئات السنين، واكتفت طوال تلك المدّة بتعيين بطريرك فخري مقيم في روما.
لكن السؤال المطروح: كيف أُسّست البطريركيّة من جديد؟ هذا ما سنجيب عنه في الأسطر الآتية:
إن السبب غير المباشر الذي سمح بعودة البطريركيّة اللاتينيّة إلى القدس تمثّل في ضعف الدولة العثمانيّة وتدخّل الدول الأوروبيّة في شؤونها، ولا سيّما بعد بروز قوّة الحاكم محمد علي باشا من مصر. أما السبب المباشر فهو الحضور البروتستانتي في فلسطين من خلال أسقفيّة مشتركة بين الإنكليز والألمان، وتوجّههم نحو المسيحيين المحلّيين بعد فشل تبشيرهم اليهود في المنطقة.
كل ذلك أدّى إلى طرح مشروع إعادة تأسيس البطريركيّة في العام 1842 في عهد البابا غريغوريوس السادس عشر. وبعد سنوات من العمل المضني والجاد، خاصّة جهود مجمع نشر الإيمان، رأى المشروع النور مع البابا بيوس السابع في رسالته البابويّة التي حملت عنوان «ليس هناك أشْهَر» Nulla Celebrior الصادرة بتاريخ 23/7/1847، متحدّيًا الصعوبات الجمّة التي واجهها سواء السياسيّة منها (خاصّة مع الدولة العثمانيّة وفرنسا) أم الداخليّة والمتمثّلة بتنظيم العلاقة مع حرّاس الأراضي المقدّسة الفرنسيسكان من جهة، وبقيّة الكنائس (خاصّة الأرمنيّة والرومانيّة الأرثوذكسيّة) حيث تحظى كل منهما برعيّة وبطريرك مقيم في القدس من جهة أخرى.
بعد ترشيح عدد من الأسماء لتولّي ذلك الكرسي الجديد، وقع الاختيار أخيرًا على الأسقف الإيطالي يوسف فاليرغا، وتمّ تنصيبه في العاشر من شهر أكتوبر/تشرين الأوّل من العام نفسه بطريركًا للكنيسة اللاتينيّة في القدس. ورغم صغر سنّه آنذاك (34 عامًا فقط)، كان يتمتّع بالتقوى والخبرة الكهنوتيّة الرعويّة الميدانيّة في بيروت والموصل، فهو عمل سكرتيرًا للقاصد الرسولي في سوريا، ومن ثمّ، التحق بإرساليّة الآباء الدومنيكان في الموصل، بالإضافة إلى معرفته اللغات الشرقيّة.
من أوائل الأمور التي قام بها البطريرك الجديد بعد تنصيبه، كان تأسيس المعهد الإكليريكي في القدس في العام 1852، والذي انتقل مرّات عدّة بين القدس وبيت جالا ليستقرّ في تلك البلدة منذ العام 1936 حتى الوقت الراهن.
هذا المعهد لعب دورًا مفصليًّا في وجود البطريركيّة ونموّها لإعداده الكهنة الذين تمّ إرسالهم إلى كل أنحاء الأراضي المقدّسة، مؤسّسين بدورهم مدارس ورعايا فاعلة، ولا سيّما في وقت الاحتفالات بالأعياد الدينيّة، وهذا ما جعل الكنيسة أكثر شهرة داخليًّا وخارجيًّا. ولا يمكننا إغفال مساهمة جمعيّة فرسان وسيّدات القبر المقدّس ودعمها نشاطات البطريركيّة وأعمالها منذ العام 1847 روحيًّا ومعنويًّا من خلال الصلوات والتبرّعات ورحلات الحج.
وتجدر الإشارة إلى أن البطريرك الحالي بييرباتيستا بيتسابالا هو البطريرك العاشر للمدينة المقدّسة منذ إعادة الكرسي البطريركي اللاتيني الأورشليمي. أما لائحة البطاركة السابقين له فهي على الشكل الآتي: البطريرك يوسف فاليرغا (1847-1872)، البطريرك منصور براكّو (1873-1889)، البطريرك لويس بيافي (1889-1905)، البطريرك فيليب كماساي (1906-1919)، البطريرك لويس برلسينا (1920-1947)، البطريرك ألبرتو غوري (1949-1970)، البطريرك يعقوب بلترتى (1970-1987)، البطريرك ميشيل صبّاح (1987-2008)، البطريرك فؤاد الطوّال (2008-2016).
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته