التعبّد لقلب يسوع الأقدس جواز عبورك نحو السماء

بيروت, الخميس 30 يونيو، 2022

نشأت عبادة تكريم قلب يسوع الأقدس في القرن السابع عشر. أمّا التّربة الصّالحة أيّ النّفس التّقيّة التي اختارها المسيح وأوعز من خلالها هذه العبادة، فهي راهبة فرنسيّة الأصل، تفرّدت بصدق حبّها للربّ، وتُدعى مارغريت ماري ألاكوك.  وقد عبّرت عن هذا الحبّ في قولها: «إنّ محبّة الله عظيمة. وهو يريد أن يجود علينا نحن الفقراء بكلّ كنوز قلبه». 

ظهر المسيح لهذه الراهبة القديسة أكثر من مرّة. وفي كلّ الظهورات، كان يؤكّد لها مقدار حبّه للنّفوس التي يودّ أن تخلص وعن ألمه بسبب الكثيرين الذين لا يقابلون هذا الحبّ بالحبّ، بل بالنكران وعدم الاحترام والاحتقار.

وتزامنًا مع نهاية شهر قلب يسوع الأقدس، نتأمّل في غنى قلبه وحبّه للإنسان والموقف البشريّ إزاء ذلك الحبّ العجيب، فنجد أهميّة التّسلح بدعوة المسيح لنا، وهي تتجسّد من خلال استجابتنا نحن المؤمنين لحبّه بجعل قلوبنا كقلبه.

ومن ثمّ، يمكننا أن نجد جذورًا لذلك التكريم الخاصّ لقلب يسوع الأقدس لمّا دعا يسوع الناس إلى محبّته بقوله: «تعالوا إليّ يا أيّها المثقلين بالأحمال وأنا أريحكم. احملوا نيري عليكم، وتعلّموا منّي، فأنا وديع ومتواضع القلب، فتجدون راحة لنفوسكم، لأنّ نيري ليّن وحملي خفيف» (مت 11: 28-30). وكذلك، تكلّم القديس يوحنّا عن قلب يسوع المفتوح بالحربة على الصليب، وقد خرج منه دم وماء، فيخبرنا في إنجيله: «لكِنَّ واحِدًا مِنَ الجُنودِ طَعَنه بِحَربَةٍ في جَنبِه، فخرَجَ لِوَقتِه دَمٌ وماء» (يو 19: 33-37). وبعد قيامة الربّ يسوع من بين الأموات، لمّا ظهر لتلاميذه، دعا توما قائلًا: «هَاتِ إِصبَعَكَ إِلى هُنا فَانظُرْ يَدَيَّ، وهاتِ يَدَكَ فضَعْها في جَنْبي، ولا تكُنْ غَيرَ مُؤمن بل كُنْ مُؤمِنًا» (يو 20: 27).

وفي عمليّة بلوغ البعد اللاهوتي لقلب يسوع الأقدس، فهو يتجلّى لنا، من خلال سرّ الفداء. فبآلام المسيح وموته على الصّليب وقيامته وصعوده الى السماء، رحنا نتبصّر مقدار حبّه اللامحدود لكلّ واحد منا. ونستطيع القول: إنّ يسوع المسيح مات لأجل خلاصنا وفتح لنا أبواب الفردوس أيّ الحياة الأبديّة.

إذًا، إنّ الحبّ الذي يخصّ به المسيح كلّ واحد منا، هو حبّ إلهيّ نورانيّ، لا يمكن للإنسان أن يفهمه أو يدركه. وقد أصبح قلب يسوع المقدّس والمفتوح بالحربة رمزًا لهذا الحبّ الإلهيّ للبشر.

فيا ربّ، ليكن حبّنا لك تكريسًا حقيقيًّا لمحبّتك اللامتناهية، وتجسيدًا لإرادتك المقدّسة كي نستحقّ ملكوت السماوات.