السبت 14 ديسمبر، 2024 تبرّع
EWTN News

راهبات يُظهرن وجه الرحمة الإلهيّة في قلب الجحيم السوريّ-اللبنانيّ

طفلة من محافظة إدلب تسير على الوحل بين المنازل الفقيرة/ Provided by: Ahmed Akacha / Pexels

عقدت مؤسّسة عون الكنيسة المتألّمة مؤتمرًا صحفيًّا إلكترونيًّا بعد ظهر يوم أربعاء 25 أيّار الحالي تحت عنوان: «سوريا ولبنان: نظرة إلى حياة العائلات وتأثير الحرب والأزمة الاقتصادية». تطرقّت راهبتان من رهبانيّة أخوات يسوع ومريم إلى الأزمة اللبناني والحرب السوريّة شارحتين تفاصيل من قلب هذين البلدين المأزومين.

الواقع السوريّ: «العناية الإلهيّة لم تفارقنا»

بدأت الأخت آنّي دمرجيان مستشارة رهبانيّة أخوات يسوع ومريم من أجل سوريا ولبنان، شاكرةً الذين وقفوا إلى جانهنّ خلال الحرب العنيفة في سوريّا بخاصّة الحرب في حلب. وقالت: «قد مرّ 12 عامًا على الحرب في سوريّا. هذه أكثر تجربة مؤلمة عشناها يومًا». سردت الأخت خبراتٍ عدّة عاشتهنّ الراهبات خلال الحرب. على سبيل المثال، أخبرت أنّهن صحون في أيّام عدّة ليصلّين على ضوء الشموع بسبب انقطاع الكهرباء. كما أخبرت عن مرّاتٍ عدّة كنّ يصلّين بصمت عندما لجوئهنّ إلى غرف آمنة هربًا من القصف. وذكَّرَت الأخت أيضًا بحصار حلب وانقطاع المياه لمدّة 35 يومًا عن المدينة. لكن في قلب الوضع المأساوي لمست الأخوات كم أنّ العناية الإلهيّة لم تفارقهنّ. فخلال الحصار أعطين كلّ خبزهن للمحتاجين. لكن عند السّاعة الثانية ظهرًا طُرق باب الدير ليجدن أحد الأشخاص يقول لهنّ: «لديّ خبزًا إضافيًّا وأردت مشاركته معكنّ».

«العديد من الرهبانيّات هي اليوم علامات رجاء»

الوضع الإجتماعي في سوريا، بحسب الأخت آنّي، يسوء يومًا بعد يوم حتّى إنّ بعض الناس يقولون أنّهم كانوا يملكون ما يكفي من الطعام لأطفالهم خلال أيّام الحرب. أمّا اليوم، فإنّ 85 بالمئة من سكّان سوريا يقبعون تحت خطّ الفقر، كما كان قد أكّد زيناري، السفير الباباوي في سوريا سابقًا، بحسب ما أشارت الأخت. أضافت الأخت أنّ العديد من العائلات تتضوّر جوعًا. هنالك أيضًا انقطاع في الماء والغاز وأزمة دولارات أيضًا إذ هنالك سعرين بين السوق السوداء والبنوك. وشرحت أنّ ما يستطعن تقديمه ليس كافيًا لمساعدة العائلات. فإنّ برّادات البيوت فارغة والعائلات غير قادرة على دفع إيجار منازلهم وثمن الطعام. كبار السنّ يعتمدن على الجمعيّات الخيريّة لتأمين حاجاتهم. يُضاف إلى ذلك أنّ الحرب الأوكرانيّة أثّرت على عدم مدّ سوريا بما يكفي من المساعدات.

لكن أكّدت الأخت آنّي أنّ الأمل لم ينقطع. فالعديد من الشبّان والشّابات يرفضون التخلّي عن سوريا بل يفضّلون البقاء وبناء مستقبلهم فيها. وأضافت الأخت: «أفتخر أن أقول أنّ العديد من الرهبانيّات هي اليوم علامات رجاء خلال زمن الألم». كما قالت: «كان من الصعب جدًّا عليّ أن أرى الناس جائعة». وأضافت الأخت أنّه علينا عدم التخلّي اليوم عن الأقليّة المسيحيّة في سوريّا بل أن نساندهم ونساعدهم.

لبنان عانى ويعاني

بعد الأخت آني، شرحت الأخت هيلين ماري هايغ من أخوات يسوع ومريم الوضع اللبنانيّ. أعربت الأخت هيلين عن فخرها بالتكلّم عن الكلام لبنان على الرغم من كونها إنجليزيّة. قالت الأخت أنّ لبنان يساوي مساحة وايلز الجغرافيّة لا أكثر، فهو ذات مساحة جغرافيّة صغيرة. بعدها تابعت الأخت هيلين شارحةً كم عانى لبنان من الحروب الإقليميّة التي دفعت إليه العديد من اللاجئين. وأخبرت عندها عن اللبناني المغترب الذين يغادر بلده للدراسة والعمل.

بعد ذلك، شرحت الأخت هيلين عن انهيار العملة اللبنانيّة قائلةً أنّ هنالك تقديرات تقول أنّ العملة قد انهارت بنسبة 90 بالمئة. وقالت أنّ هنالك صعوبة في إرسال المساعدات إلى لبنان، لأنّ هناك خوف ألّا تصل الأموال إلى أصحابها بسبب جمود البنوك أو بسبب نقل هذه الأموال إلى الداخل السوري. يُضاف إلى الوضع اللبناني المأزوم انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 الذي خسر لبنان بسببه الانفجار عشرات آلاف الأطنان من الحبوب. كما ضرب الانفجار العديد من المدارس والمساكن والجزء المسيحي من بيروت.

«أرجوكم، لا تدعوا لبنان يسقط!»

كان لبنان يشكّل ملجأ آمنًا للمسيحيّين في الإقليم، كما شرحت الأخت هيلين. لكن اليوم، العديد من المدارس والمؤسّسات أقفلت أو هي في طور الإقفال. ووصل الدولار في آذار هذا العام إلى 33000 ليرة لبنانيّة. وما كان يساوي 4000 دولار يساوي اليوم 200 دولار كما شرحت الأخت. الحدّ الأدنى اليوم لا يساوي 50 دولار! لكن على العائلة أن تدفع فاتورة الكهرباء والإيجار والبنزين والمازوت للتدفئة في الشتاء والطعام. فقد أقلّه 75 بالمئة من المودعين قدرتهم الشرائيّة وهنالك العديد من المدارس المسيحيّة التي يجب أن تُقفل في مناطق لا توجد فيها مدارس عامّة، بالتالي إن أقفلت تلك المدارس، على العائلات المسيحيّة أن تغادر البلاد أو تترك أبناءها دون تعليم. وآخر مصيبة في ذلك، هي الحرب الأوكرانيّة، لأنّ اهراءات القمح دُمّرت في انفجار المرفأ فلبنان لا يملك امكانيّة تخزين القمح. لكن لبنان دولة مستوردة للقمح من أوكرانيا. لذا يقف لبنان اليوم أمام أزمة كبيرة.

شرحت الأخت أنّ «عون الكنيسة المتألّمة» تدخّلت لإنشاء مركز مساعدة للراهبات في برج حمّود. وذكّرت الأخت هيلين أنّه في عام 1995 عُقد سينودس للبنان قال فيه يوحنّا بولس الثاني أنّ «لبنان أكثر من بلد بل هو رسالة للعالم». لذلك قالت الراهبة: «لا يمكننا أن ندع لبنان يسقط» فله أهمّية لمنطقة المشرق ولما تبقّى من مسيحيّي العراق وسوريا. شدّدت الأخت هيلين على قولها قائلة: «أرجوكم، لا تدعوا لبنان يسقط!» فهو مهمّ لكلّ المنطقة لما يعطيه من رجاء لمسيحيّي المنطقة.

(Story continues below)

اشترك في نشرتنا الإخبارية

في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.

اشترك الآن

تأثير الأزمتين على إيمان المسيحيّين

سئلت الأختين خلال المؤتمر عن أثر الحرب السوريّة والأزمة الاقتصاديّة اللبنانيّة على إيمان مسيحيّي البلدين. فخلصتا إلى أنّ: «هنالك من لام الربّ في بداية الحرب على سماحه بالألم وموت الناس؟ لماذا خلّص الربّ هذا الشخص وليس ذلك؟». لكن هنالك آخرون قد نما إيمانهم وثبت فامتلأت بهم الكنائس. وشرحت الأخت آنّي أنّهن كنّ يفضّلن عدم الصلاة في العديد من المرّات، بالأخصّ مع بداية الحرب السوريّة، لأنّ العديد من الناس كانوا يلومون الله على ما يحصل. أمّا في لبنان لأنّه بلد مليء بالأديرة وبالأخصّ فيه ضريح مار شربل فالكثير من الناس يصلّي بخشوع من أجل السّلام، كما شرحت الأخت.

وفي إجابةٍ عن شعور المسيحيّين اللبنانيّين اليوم بعد الانتخابات النيابيّة، قالت الأخت آنّي أنّ العديد من الأساقفة يساعدون في توعية المسؤولين على ضرورة ساسة الوطن نحو السّلام والعدل.

امرأة أرادت الانتحار بسبب تضوّر أبنائها جوعًا

أخبرت الأخت آنّي عن العديد من الخبرات التي تعيشها الأخوات. إذ ذكرت الأخت آنّي مساعدة الراهبات للعائلات الغنيّة التي افتقرت بسبب الحرب. تلك العائلات تشكرهنّ اليوم على مساعدتهنّ لأنهنّ حافظن على كرامتهم مُبعدين عنهم ضرورة الوقوف في صفوف الاستعطاء. ذكرت الأخت أيضًا حادثة امرأة أرادت الأسبوع الفائت الانتحار راميةً نفسها عن جسر في دمشق لأنّها غير قادرة على إطعام أطفالها. لكن تساءلت الأخت: «لكم من الوقت سيستطيع الناس ابعاد تلك المرأة عما تعاني؟ لأسبوع آخر؟ لأسبوعين؟ نحتاج إلى حلّ حقيقيّ». ذكرت الأخت آنّي مشاريع اجتماعية وإنسانيّة عديدة يقمن بها كعائلة في حلب تعرّضت لقصف صاروخي فتعرّضت شابّة من تلك العائلة للشلل والوالد أيضًا فقد قدرته على المشي. اليوم ترسل الأخوات لهذه البنت سيارة أجرة يوميّة لتنقلها إلى الجامعة وتعيدها كي تتابع علمها الجامعي. وأكّدت الأخت في سياق الحديث على أنّ للفقراء الحقّ باختيار ثيابهم وطعامهم، على سبيل المثال. لذلك هنّ يعطينهنّ الامكانيّة باختيار الثياب الذي يرغبن بلبسه.

الحاجات عظيمة لكن قبر المسيح فارغ

ختمت الأخت آنّي قائلة: «الحاجات عظيمة» وإن سمعتم أنّنا بحاجة للمساعدة أو آخرون بحاجة فإنّ ذلك حقيقي لأنّ الحاجات كبيرة. وشكرت الأخت وختمت متذكّرة كلمات النساء عند قبر المسيح اللواتي قلن: «أين وضعت الربّ؟» إذ علينا أن نسأل دائمًا أين وضعنا الربّ؟ من هنا طلبت الأخت الصلاة من أجلهنّ.

وختمت الأخت هيلين أيضًا قائلة أنّ لبنان كان دائمًا شعلةً للكلمة والعالم لذلك طلبت مساعدة المسيحيّين في لبنان كي يستمرّ لبنان بالإشعاع وشكرت الحاضرين.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته