لبنان يكرّم القديسة ريتا والمؤمنون يطلبون شفاعتها بحرارة

بيروت, السبت 21 مايو، 2022

في عيدها، تغمر "شفيعة الأمور المستحيلة" المؤمنين الذين يطلبون شفاعتها بالحبّ والنعم والبركات واجتراح المعجزات.

في جعبة القديسة "ريتا دي كاشيا" رسالة مهمّة إلى الشعب لبنان والعالم، وسرٌّ يجعلها محبوبة المؤمنين في بلد الأرز.

ما الرسالة التي تحملها القديسة الإيطاليّة التي جمعت اختباريّ التكرّس والزواج إلى اللبنانيين، وما سرّ حبّهم الكبير لها؟

الإيمان يهزم المستحيل

في حديث خاصّ لـ"آسي مينا"، أكد خادم كنيسة القديسة ريتا-سنّ الفيل الخوري مروان عاقوري أن أبرز الفضائل التي تتميّز بها القديسة ريتا تتمثّل في إيمانها العظيم بأن الربّ يسوع يمكنه أن يجعل المستحيل ممكنًا، عازيًا سبب تسميتها "شفيعة الأمور المستحيلة" إلى إيمانها بأن الله يحقّق كل ما هو لصالح الإنسان حتى إنه يستخرج الخير من الشرّ من أجل خلاص الإنسان.

وأضاف: آمنت القديسة ريتا بأن يسوع لا يردّها خائبة، ووثقت بأن صليبه هو صليب رجاء، على الرغم من المشقّات والألم والمرض، وهذا ما حاولت عيشه والشهادة له.

ولفت الخوري عاقوري إلى التشابه في شكل بيتيّ القربان في بازيليك القديسة ريتا في كاشيا وكنيسة القديسة ريتا-سنّ الفيل في لبنان، موضحًا أن الشكل البيضاويّ مثل حبّة الزيتون، رمز السلام، لأن القديسة ريتا رسولة سلام، إذ كانت تسعى إلى إتمام الصلح بين العائلات وجعل الآخرين أكثر قربًا من بعضهم بعضًا، والدليل على ذلك أنها لم تصلِّ من أجل موت ولدَيْها عندما قرّرا الانتقام لوالدهما، بل رفعت صلاتها ليهديهما الربّ على طريق السلام، فيكونا رسولَيْه، واختبرت أن الأمور لا تُحلّ بالخلاف والمعارك والقوّة.

واعتبر أن أهمّ فضائلها تكمن أيضًا في تحمّل الألم، ما لا يعني أنها كانت فائقة الطبيعة، بل علمت كيف تقدّم آلامها وتشاركها مع آلام المسيح، وتكون آلامًا خلاصيّة.

المعجزات المُجْتَرَحة في لبنان

في ما يتعلّق بتسجيل المعجزات التي تُجترح بشفاعة القديسة ريتا مع لبنانيين، قال الخوري عاقوري: في كاشيا، تُسَجَّل المعجزات التي تحصل بشفاعتها في ديرها. أما في لبنان، فالفكرة واردة لوضع سجلّ من أجل تدوين المعجزات. حتى الساعة، لم تُدوَّن تلك الشهادات في لبنان. إذا وُضعت الفكرة في حيّز التنفيذ، ستُسجّل المعجزات في بلادنا، وتُرسل لاحقًا إلى كاشيا لأنها فضائل ونعم نحصدها منذ إعلان قداستها.

سرّ يجعل اللبنانيين يعشقون القديسة ريتا

بالنسبة إلى السرّ الذي يجعل اللبنانيين يعشقون القديسة ريتا ويطلبون شفاعتها، قال الخوري عاقوري: قبل أن أصبح خادم رعيّة كنيسة القديسة ريتا، كنت أتساءل عن هذا السرّ. لم أكن أعرف الكثير عنها بل تعرّفت عليها في البداية من خلال اختبارات الناس وإيمانهم ومحبّتهم لها.

وتابع: الجميع يطلبون شفاعتها: من يعاني من مرضٍ مستعصٍ، ومن يواجه أيّ مشاكل أخرى، ومن لا عمل له، ومن يتألّم نفسيًّا، ومن يشعر بأنه مدعوّ إلى التكرّس، ومن يرغب في شكر الربّ، مشيرًا إلى أن توجّههم إليها يعود إلى كونها تشبههم وتشبه واقع الألم الذي يعيشه اللبنانيّون، فضلًا عن واقع الرجاء. إنهم يرون أنفسهم في حياتها وإيمانها وآلامها التي تخطّتها بنعمة الربّ.

وأردف الخوري عاقوري: إن خبرتيّ الزواج والتكرّس أساسيّتان بالنسبة إلى اللبنانيين، فضلًا عن دخول القديسة ريتا إلى الدير بطريقة عجائبيّة وتدخّل الربّ الملموس في حياتها وعمله فيها إذ إنها كانت تقرأ علامات الله. الفرق بين القديس ومن يسعى إلى القداسة يكمن في أن القديس يعرف قراءة علامات الربّ في حياته في حين يطلب منه المؤمنون المساعدة كي يقرأوا علامات الله في حياتهم ويتحلّوا بإيمانه.

واستنتج أن القديسة ريتا هي مهمّة ليس لأنها قويّة بل لأنها سلّمت حياتها إلى الربّ واختبرت عمله فيها، على الرغم من الصعوبات الجمّة.

رسالة القديسة ريتا إلى لبنان والعالم

وختم الخوري عاقوري حديثه عبر "آسي مينا"، مشدّدًا على أن رسالة القديسة ريتا الأساسيّة تتمثّل في عدم الاستسلام لأن الرجاء بالربّ يسوع هو أساس قوّة المؤمنين، ومضيفًا: كانت القديسة ريتا قويّة كما يقول مار بولس: أنا قويّ بالذي يقوّيني (في 4: 13). هي تؤكد أن قوّتنا مستمدّة من ثقتنا بأن إلهنا غلب المستحيل والموت والشرّ والفساد، وإيماننا بقدرة الربّ وعمله في حياتنا. إنها رسالة القديسة ريتا التي آمنت بعمل الله وقدرته، وهي تدعونا إلى التحلّي بالصبر أي حسن قراءة علامات الربّ في حياتنا واختبار رعايته كي نصل إلى برّ الأمان.