حلب, الاثنين 16 مايو، 2022
وُلدَ القديس اغناطيوس لوبيز دي لويولا، عام 1491بقلعة لويولا الواقعة شمالي إقليم الباسك بإسباني، ضمن عائلة نبيلة. كان ترتيبه الثالث عشر والأخير بين إخوته، وقد توفيت أمه فور ولادته، فتولت رعايته مُربية تُدعى "ماريا دي جارين ".
في شبابه تعلَّق بالحياة العسكرية لحبه الشديد للشهرة والعظمة وتحقيق البطولات التي تجعل منه حديث الناس ومحط اهتمامهم، وهي أمور كان الزي العسكري يوفرها في المجتمع الإسباني. فالتحق بالجيش في سن السابعة عشر، وكان ارتداءه للزي العسكري وتقلُّده للسيف إلى جانب هيئته ولياقته البدنية العالية يعطيه إحساساً بالعظمة، ويجعله يسير معتزاً بنفسه، وفرحاً بنظرات النساء المنبهرة به. خاض الشاب اغناطيوس العديد من المعارك دون أن يُصاب بجُرح، إلى أن خاض معركة وهو في الثلاثين من عمره، فأصيب إصابة شديدة في ساقيه واضطر لإجراء جراحات مؤلمة وخطيرة بإصرار شديد منه لاستعادة قدرته على الحركة واستعادة لياقته العسكرية بأي ثمن، لدرجة دفعته لإعادة كسر ساقه وتجبيرها مرة أخرى بالرغم من كون ذلك مؤلماً للغاية في عصر لم يُكتشف فيه التخدير.
وأثناء فترة النقاهة التي قضاها بمستشفى تابعة لإحدى الرهبانيات، لم يجد اغناطيوس سوى كتباَ روحية تحوي قراءات من الإنجيل، وبعض سير القديسين. فأضطر لقراءتها لتسلية وقته وهو في الفراش ويشعر بالملل الشديد، فقرأ عن حياة يسوع وتعاليمه وتأثر بكتاب حياة المسيح مما ألهمه لإتباع يسوع الذي هو أعظم من كل الفرسان والقادة الذين أحبهم في بداية حياته.
ساعده ذلك كإلهام له لإيجاد أسلوبه الخاص في تأمل الكتاب المقدس، والتي استقاها من مؤلفي الكتب إذ اعتمد دائماً على إدخال القارئ في أجواء النص الإنجيلي وكأنه يعيش المشهد مع يسوع وتلاميذه وهي الطريقة التي أطلق عليها فيما بعد "الرياضة الروحية" وعُرِفت بعد وفاته بـ"الرياضة الأغناطية".
طالت فترة نقاهة أغناطيوس، وكانت تعتبر بشارة من الله نقلته من حالة الإيمان الموروث بلا معرفة وعيش، إلى الإيمان المُدرَك والقناعة الشخصية، فقد كان مسيحياً بالاسم لكن أفكاره وتصرفاته بعيدة تمام البعد عن روحانية الإنجيل وشخص يسوع وتعاليمه.
ومن هنا وبعد هذا التغيُّر اتخذت حياته اتجاها جديداً واكتشف دعوته بتكريس حياته للبشارة بمن أحب (يسوع) وتعلَّم منه. وانتهت فترة نقاهته في 1522 ليتمكن من السير على قدميه مُجدداً. ولكن بعد أن أصبحت إحدى ساقيه أقصر من الأخرى، مما سبب عَرَجًا خفيفًا له في السير. خرج من المستشفى إلى دير للرهبان البندكتيين لقضاء خلوة روحية، وهناك بينما كان ساهراً للتأمل حتى شروق الشمس، بدت له رؤية بظهور العذراء مريم وهي تحمل الطفل يسوع على ذراعها، فخلع سيفه وخنجره ووضعهما تحت تمثال العذراء، إعلاناً منه أنه لن يعود لاستخدام العنف ولا لخوض الحروب بل سيصبح مبشراً بالسلام.
خرج ماشياً على قدميه من الدير حتى وصل إلى مدينة مجاورة في تُسمى "مانريسا"، حصل فيها على عمل بمستشفى حيث كان يقوم بأعمال النظافة مقابل السكن والطعام وعند الانتهاء من عمله كان يذهب إلى كهف قريب من المستشفى ليصلي لأكثر من سبع ساعات ويتأمل الكتاب المقدس ويضع أساسيات الرياضة الروحية، ويمارس التقشف والصوم.
في سبتمبر 1523، أدّى حجا روحياً نحو أورشليم، بهدف البقاء هناك في المكان الذي عاش فيه يسوع وبقي هناك مدة عشرين يوماً ثم أعاده الرهبان الفرنسيسكان المتواجدين هناك إلى إسبانيا. استقر في برشلونة وبعمر الثالثة والثلاثين استعد للالتحاق بجامعة "ألكالا"، وفي الجامعة درس عشر سنوات اللغة اللاتينية واللاهوت وكان يقوم بالوعظ في الشوارع بعد ذلك انتقل للدراسة مدة سبع سنوات في جامعة شهيرة هي "كولاج دي مونتجو"، وأثناء دراسته أفضى بما في قلبه لزملائه المقربين في الجامعة، فالتفوا حوله وصاروا فيما بعد من الأعضاء الستة المؤسسين للرهبنة التي حلم بتأسيسها.
في صباح عيد انتقال العذراء 1534، بكنيسة القديس بطرس بمدينة مونتامرتر، قدم نذوره لله مدى الحياة وبعمر الثالث والأربعين، حصل أغناطيوس على درجة الماجستير من جامعة باريس.
ثم بدأت الرهبنة اليسوعية بأغناطيوس ورفيقيه فرنسيس كسفاريوس وببار فابر، ووافق البابا بولس الثالث عام1540على تأسيسها، وصار أغناطيوس رئيساً عاماً لها وبدأ يرسل رفاقه للتبشير وإنشاء الكليات والإكليريكيات لتنشئة أجيال من المبشرين لهذه الرهبنة وفي "ماسينا" جنوبي إيطاليا تأسست كلية يسوعية حققت نجاحاً ملحوظاً، ومن ثم تم تأسيس عدة كليات على غرارها.
ألَّف مار أغناطيوس كتابه عن الرياضة الروحية كما أتم بمساعدة معاونه "خوان ألفونسو دي بلانكو" كتاب قانون الرهبنة اليسوعية، وتم اعتماده عام 1554 حيث شدَّد القانون الرهباني اليسوعي على الاتحاد والشركة والولاء للكنيسة الجامعة. واحترام التسلسل الهرمي لها كما أقرَّ أن نذور الرهبنة تعني إنكار الذات التام واستخدمت لفظ "الجيفة" أو "الجثة المُتحلِّلة" لوصف الشخص المُكرَّس بطريقة تمنع عنه التكبر والاعتداد بالنفس، لكنه التزم أن يكون شعار الرهبنة "لمجد الله الأعظم" بعدها بوقت قليل تمت رسامته الكهنوتية.
في 31 يوليو 1556، توفي أغناطيوس بعمر الرابعة والستين، نتيجة لأصابته بالحمّىَ الرومانية وهي أحد أشدّ حالات الملاريا كانت تظهر في روما في أزمنة متعددة وأُعلِن أغناطيوس دي لويولا طوباوياً على يد البابا بولس الخامس عام 1609، ثم تم إعلانه قديساً على مذابح الكنيسة على يد البابا غريغوريوس الخامس عشر عام 1622 وهو شفيع العسكريين المسيحيين، وشفيع إكليريكية بلمونت بالولايات المتحدة، وشفيع إقليم الباسك الإسباني (مسقط رأسه)، وشفيع المرسلين للبشارة.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته