بيروت, الخميس 12 مايو، 2022
في أرض القداسة وبلد الأرز، يُطَوَّب شهيدان لبنانيّان غرفا المحبّة من قلب الربّ وواجها الاضطهادات حتى الاستشهاد.
بروح مفعمة بالفرح، تستعدّ رهبنة الإخوة الأصاغر الكبّوشيّين لتطويب الأبوَيْن الشهيدَيْن ليونار عويس ملكي وتوما صالح في 4 حزيران 2022.
الاستعدادات على قدم وساق
في حديث خاصّ لـ"آسي مينا"، أكد الأخ شربل رزق الكبّوشي أن استعدادات الرهبنة الكبّوشيّة جارية على قدم وساق وفق بعدَيْن: الأوّل يقضي بالتعرّف عليهما من خلال الاطلاع على سيرة حياتهما وفضائلهما واستشهادهما، والثاني يُترجم عبر عمل اللجان، منها لجنة إعلاميّة تواكب التطويب، ولجان أخرى على المستوى اللوجستي والليتورجي.
برنامج تطويب الأبوَيْن ليونار ملكي وتوما صالح
في سياق متصل، قال الأخ رزق إن الاحتفالات ستتركّز على 6 أيّام كالآتي:
-29 أيّار (6 مساءً): سهرة مع العائلة الفرنسيسيّة التي تضمّ 10 رهبانيّات تنتمي إلى روحانيّة مار فرنسيس.
-31 أيّار (6 مساءً): مسيرة على درب الطوباويَّيْن مع أمّنا مريم من حديقة يسوع المخلّص (شاليمار-بعبدات) حتى دير مار أنطونيوس البدواني.
-2 حزيران (8 مساءً): ريسيتال ديني يتضمّن ترانيم خاصّة بالشهيدَيْن ليونار عويس ملكي وتوما صالح.
-3 حزيران (8 مساءً) ليلة التطويب: سهرة روحيّة تسلّط الضوء على حياتهما والتماس شفاعتهما ويتخلّلها سجود للقربان وتجدّد بنعمة سرّ المصالحة والتوبة.
-4 حزيران (6:30 مساءً): حفل التطويب الذي سيترأسه الكاردينال مارتشيلو سيميرارو باسم البابا فرنسيس.
-5 حزيران (11:30 صباحًا): قداس الشكر الذي سيترأسه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في رعيّة مار أنطونيوس البدواني-بعبدات، علمًا بأن كل الاحتفالات ستكون في بعبدات ما عدا حفل التطويب الذي سيُقام في دير الصليب-جلّ الديب.
فضائل الشهيدَيْن الكبّوشيّين
إلى ذلك، قال الأخ رزق إن سيرة حياة الشهيدَيْن مفعمة بالفضائل، مشدّدًا على أن كلمة يسوع طوّبتهما إذ إن ختم الشهادة يؤكد الطوبى: "طوبى لكم إذا شتموكم واضطهدوكم وافتروا عليكم كل كذب من أجلي، افرحوا وابتهجوا: إن أجركم في السماوات عظيم، فهكذا اضطهدوا الأنبياء من قبلكم" (مت 5: 11-12).
قواسم مشتركة تجمع ليونار وتوما
بالنسبة إلى القواسم المشتركة التي تجمع الشهيدَيْن، لخّصها الأخ رزق بما يلي: في بداية مسيرتهما، أراد توما (16 عامًا) وليونار (14 عامًا) أن يكونا مرسلَيْن، فتركا لبنان، وتوجّها إلى إسطنبول حيث انتسبا إلى معهد سان ستيفانو للكبّوشيّين، من ثمّ انتقلا إلى المعهد الشرقي في بوجا حيث أكملا تنشئتهما، وحُدّدت وجهتهما بأرمينيا وبلاد ما بين النهرين بعد رسامتهما الكهنوتيّة.
واستنتج الأخ رزق أن الفضيلة الأولى الإيمانيّة تمثّلت في الشجاعة عبر اتخاذ القرار بالانسلاخ عن العائلة والمجتمع والثقافة والأرض واتّباع الربّ، والفضيلة الثانية تجلّت في انخراطهما في التنشئة والتفاعل وتعلّم اللغات، وسط أجواء عابقة بالخليط الثقافي والتربوي واللغوي.
ثمار روحيّة وغيرة رسوليّة
في ما يتعلّق بالفضائل على المستوى الفردي، برزت النقاط الآتية وفق الأخ رزق:
-شخصيّة توما شجاعة وقويّة وبارزة في كتاباته إذ عبّر فيها عن الواقع، وله قراءة نقديّة للدولة، السلطنة العثمانيّة آنذاك. وتناول إمكانيّة عمل المزيد من الخير في الحياة الرهبانيّة، مشيرًا إلى أن المسؤولين لا يسمحون بتحقيق ذلك الأمر. وتطرّق إلى الغيرة الرسوليّة وكيفية مواجهة الكاثوليك فكر الكنيسة البروتستانتيّة.
-تمتّع توما بموهبة المعرفة التي برزت من خلال رسالته إلى الرئيس العام للرهبنة، ما بيّن إلمامه القويّ بكلمة الله. هو صاحب رؤية، ينظر إلى الواقع ويبحث عن حلول.
-تحلّى توما بفضيلة الإيمان، إذ لمس عدم وضوح الأمور لكنه سلّم كل حياته للربّ.
(Story continues below)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآن-تميّز توما بفضيلة الثبات في تعليم الكنيسة ومحبّة الأسرار من خلال إصراره على المناولة، وقبول سرّ مسحة المرضى قبل موته دليل على إيمانه وتعلّقه بالربّ.
أما ليونار، فقد تسلّم مسؤوليّات أكبر من تلك التي تسلّمها توما مثل إدارة المدرسة والتعليم، فتمتّع بالوداعة وحسن التدبير والحسّ المرهف والصمت والعمل.
كما برز موقفه المحبّ في لحظات استشهاده إذ خُيِّر بين الرحيل والبقاء مع أحد الإخوة المسنّين، فقرّر البقاء مع الأخ دانيال الذي كان له الدور الأكبر في تأسيس الدير والمدرسة في مدينة ماردين، ما بيّن موقف تعاضد ومسؤوليّة تجاه أخيه المسنّ وأبناء رعيّته إذ تحمّل الآلام بحرّيّة أبناء الله.
سُجن ليونار واتُّهم بالعمالة الفرنسيّة وتعرّض لأقسى أنواع العذابات (مثل نزع الأظافر ونتف اللحية والجلد والدعوة إلى اتّباع الإسلام)، وعاش الاستشهاد في السجن قبل الاستشهاد الفعلي في الصحراء.
رسالة الشهيدَيْن إلى لبنان والعالم
اعتبر الأخ رزق أن الرسالة التي أراد الشهيدان ليونار عويس ملكي وتوما صالح إيصالها إلى العالم تكمن في أن الله أمينٌ لوعده وعهده، مضيفًا: لقد كانا علامة رجاء، وإعلان الطوبى يعني أنهما يعيشان الحياة الأبديّة في حضرة الله أي أنهما لم يموتا، ورسالة التعليم الإيماني للإنسان: إذا كنتُ ثابتًا في إيمانك على الرغم من كل الصعوبات والتحدّيات، فإن الربّ الأمين والمحبّ والرحيم سيرفعك إلى مجده.
وقال إن سيرة حياتهما تؤكد أن لا موضعَ للإنسان في هذه الأرض، وأن الضمانة الوحيدة في هذا العالم هي الربّ يسوع.
أما رسالتهما إلى لبنان، ولا سيّما في الاستحقاق الانتخابي، فتكمن في الدعوة إلى اختيار الحياة بدل الموت، والخير والحقّ بدل الباطل والكذب، وعدم المساومة. إن الموقف الإيماني يطال كل أبعاد الحياة لكنه يتجلّى أمام الموت، إذ يقول لنا الربّ في العهد القديم: قد جعلت أمامك الحياة والموت، فاختر الحياة (تث 30: 19). وهذا ما فعله الشهيدان الكبّوشيّان إذ اختارا الحياة في مسيرتهما. الشهادة تدلّ على معرفة إله الحياة القائم من بين الأموات وتجعل المؤمنين يختارون الحياة الأبديّة بدل الحياة الزمنيّة.
وختم الأخ رزق حديثه عبر "آسي مينا" بالقول: لقد انتشرت المسيحيّة بفضل الاستشهاد إذ نمت منذ البداية مع الشهيد الأوّل إسطفانوس، حسب أعمال الرسل في الكتاب المقدّس. الموت من أجل المسيح مبهر جدًّا، وتأثير الاستشهاد أكثر قوّة من كل محاولات الإقناع بالمنطق، والشهادة تزهر قدّيسين.
رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته