الاثنين 17 مارس، 2025 تبرّع
EWTN News

بول نوِيّا في مئويّته… يسوعيّ متبحِّر في التصوّف الإسلاميّ

الأب بولس نويّا مع أهله في قريته إينشكي/ مصدر الصورة: أحلام يوخنّا حفيدة شقيق الأب بول نويّا

لم تكُن سنته الأولى في معهد مار يوحنّا الحبيب الكهنوتيّ في الموصل مبشِّرة، فقد دَخَل بولس بن عيسى نْوِيّا المعهد، قادمًا من قريته الوادعة «إينشكي» قرب العماديّة في محافظة دهوك-إقليم كردستان العراق، وكان قد تجاوز العاشرة من عمره، ولا يجيد غير لغته الأمّ، السريانيّة الشرقيّة المحكيّة (السوْرَث).

نوى مدير المعهد الأب يوسف أومي إعادته إلى أهله بسبب ضعفه في اللغة العربيّة، لتُفاجأ الإدارة في السنة اللاحقة بتفوّقه، لا في العربيّة وحسب، بل في اللاتينيّة والفرنسيّة والآراميّة وسائر دروسه في المعهد.

صورة شخصية للأب بولس نويا. مصدر الصورة: أحلام يوخنّا حفيدة شقيق الأب بول نويّا

اليسوعيّ الكلدانيّ

عقب إتمامه دراسة اللاهوت والفلسفة عام 1947، رفض الرسامة ككاهن كلدانيّ لانجذابه إلى  الدعوة الرهبانيّة، فاختار اليسوعيّة في بغداد، ثم قصد لبنان لينضمّ إلى جمعيّة الآباء اليسوعيّين، وفق ما شرح المطران حبيب هرمز راعي أبرشيّة البصرة الكلدانيّة في حديثه لـ«آسي مينا»، قائلًا: «لكنّه عاد لاحقًا إلى العراق وقَبِلَ الرسامة الكهنوتيّة حسب الليتورجيا الكلدانيّة».

وأشار هرمز إلى التحاق نْوِيّا بكليّة الدراسات العليا في باريس، بعد إنهائه مدّة الابتداء القانونيّة، في الفترة من 1952-1954. ثمّ أكمل دراسته في جامعة السوربون باختصاص الإسلاميّات، بإشراف أستاذه المستشرِق الشهير لويس ماسينيون، ليصبح في ما بعد أستاذ المادّة في الجامعة عينها.

صورة نادرة للبابا القدّيس يوحنا الثالث والعشرين، وعن يساره المطران سليمان الصائغ برفقة بعض التلامذة الكلدان الدارسين في روما، ومنهم عن يمين البابا الأب بولس نْوِيّا. مصدر الصورة: موقع البطريركية الكلدانيّة

تنشيط الرهبنة الكلدانيّة

أوفدت روما نْوِيّا عام 1958 بصفة زائرٍ رسوليّ للرهبنة الأنطونيّة الهرمزديّة الكلدانيّة، بقصد تنشيطها وتجديدها، فعاد إلى العراق وأسّس في دير مار كوركيس بالموصل «المدرسة الرسوليّة» وضمّت 24 تلميذًا، من بينهم البطريرك الكلدانيّ الكاردينال لويس ساكو.

«اجتهد نْوِيّا في إصلاحاته مدّة أربعة أعوام، لكنّه اصطدم بعددٍ من الرهبان الذين لم يجد لديهم دعوة رهبانيّة حقيقيّة، فصرفهم. وعدم مقبوليّتها لدى مسؤولين عدّة في الكنيسة الكلدانيّة، أنهى مهمّته. فترك الرهبنة الكلدانيّة عائدًا إلى رهبنته اليسوعيّة عام 1962» بحسب هرمز.

وتابع: «في لبنان، اهتمّ بالمبتدئين، ودرّس الإسلاميّات في معهد الآداب الشرقيّة بجامعة القديس يوسف اليسوعيّة، وأشرف على إصدارها سلسلة «بحوث ودراسات»، وعلى أطاريح باحثين عدّة منهم الشاعر أدونيس. تبوّأ عام 1976 مقعد أستاذه في قسم الدراسات الشرقيّة بجامعة السوربون».

تلاميذ المدرسة الرسوليّة، وأحدهم البطريرك ساكو، مع مدير المدرسة بول نويّا اليسوعيّ. مصدر الصورة: جورجينا حبّابه

باحثٌ في «التأويل القرآنيّ واللغة الصوفيّة»

انجذب هرمز إلى كتابات نوِيّا مذ كان طالبًا جامعيًّا في الموصل، حين اقتنى كتابه «صوت المسيح» المترجم إلى العربيّة، أحد كتبه الستّة التي أنجزها إلى جانب أبحاثٍ ومقالاتٍ عدّة بالفرنسيّة، تُرجِم بعضها إلى العربيّة، صابًّا جلّ اهتمامه على تحقيق مخطوطات المتصوِّفين المسلمين، فأصدر: «الرسائل الصغرى لابن عبّاد الرنديّ»، «التأويل القرآنيّ واللغة الصوفيّة»، «مقتطفات من كتاب الحلّاج» وسواها.

صورة شخصية للأب بولس نويا. مصدر الصورة: أحلام يوخنّا حفيدة شقيق الأب بول نويّا

حلّت هذا العام، في صمت، مئويّة نْوِيّا (ومعناه بالآراميّة: النبيّ)، المولود في 5 فبراير/شباط عام 1925 والمتوفّى في التاريخ عينه عام 1980، دون أن توجّه أيّ مؤسّسة أكاديميّة أو كنسيّة في العراق اهتمامها إلى هذا العالم الجليل والراهب النشيط، وسط دعواتٍ إلى إنصاف نتاجه الفكريّ بما يستحقّه من الدراسة.

اشترك في نشرتنا الإخبارية

في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.

اشترك الآن

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته