أربيل, الاثنين 10 مارس، 2025
لطالما كانت ممارسة الفضائل والتدرّب على عيشها وفقًا للمحبّة أفضل استعدادٍ للسعادة الأبديّة. ويستغلّ المؤمن زمن الصوم لممارستها مستعينًا بنعمة الله، فيعكس عبر علاقته بالآخرين هذه الفضائل، لا كمجرَّد صفاتٍ أخلاقيّة، بل بوصفها علاماتٍ حيّة للنموّ الروحيّ الصحيح والصحّي.
سلّط الأب نويران ناصر الدومنيكيّ عبر «آسي مينا» الضوء على فضائلَ عدّة عَدّ ممارستها خطوةَ تَقدُّمٍ أعمق للاتّحاد بالله، «تجعل حياتنا شهادةً حقيقيّة للمحبّة المسيحيّة وانعكاسًا للحياة مع الله».

التواضع والصبر
يعكس التواضع، بوصفه موقفًا داخليًّا وروحيًّا، علاقة الإنسان بالله والآخرين. ولا يراه ناصر تقليلًا من الذات بل إدراكًا للحقائق كما هي: «فالمتواضع يعتمد على نعمة الله قبل قوّته الشخصيّة، مُقتديًا بالمثال الأسمى يسوع المسيح القائل: "تَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ"، ومُدركًا مغزى دعوة القديس بولس: "لا شَيْئًا بِتَحَزُّبٍ أَوْ بِعُجْبٍ، بَلْ بِتَوَاضُعٍ، حَاسِبِينَ بَعْضُكُمُ الْبَعْضَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ"».
ونبَّه إلى تعليم الربّ الداعي إلى عيش فضيلة الصبر المسيحيّة: «بِصَبْرِكُمُ اقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ»، قاصدًا الثبات في الإيمان، والاحتمال بمحبّة، والاتّكال على الله دائمًا. وشدّد على أنّ «الصبر ليس مجرّد انتظارٍ ينتهجه الضعيف، بل قوّة روحيّة في وجه التحدّيات، تؤهّلنا للعيش بسلامٍ داخليّ في أحلك الظروف».
المسيحيّ شجاعٌ وشاكِر
ولَفَت إلى أنّ المسيحيّة لا ترى الشجاعة مجرّد قوّةٍ جسديّة أو تهوّرًا، بل فضيلة روحيّة يثبت مُمتلِكها في الإيمان، متمسِّكًا بالحقّ ومدافعًا عنه رغم التحدّيات والصعوبات. وقال: «المسيحيّ الشجاع لا يخاف التجارب، عالمًا أنّ الله "لم يُعطِنا رُوحَ الخَوف، بل رُوحَ القُوَّةِ والمَحبَّةِ والفِطنَة"».
يُعلّمنا الصوم أن نكون شاكرين لمحبّة الله وعطاياه، مؤمنين بأنّ كلّ ما يأتي من الله هو للخير، وإنْ لم نفهمه في اللحظة الحاضرة. «فعندما نَشكر، نُعلن أنّ الله حاضرٌ في كلّ ظروف حياتنا، يقودنا دائمًا نحو الأفضل، وإنْ كنّا لا نرى الصورة كاملة بعد. فالرسول بولس يقول لنا: "لا تَكونوا في هَمٍّ مِن أَيِّ شيءٍ كان، بل في كُلِّ شيَءٍ لِتُرفَعْ طَلِباتُكم إِلى اللهِ بِالصَّلاةِ والدُّعاءِ مع الشُّكْر"»، بحسب ناصر.
الرّجاء لا يُخَيِّب
واستذكرَ رسالة بولس الرسول «الرَّجاء لا يُخَيِّبُ صاحِبَه» (رو 5: 5) المقتبَس منها شعار سنة يوبيل الرجاء 2025. وأوضح أنّ فضيلة الرجاء هي أساس الإيمان، حاضًّا على الوثوق في مواعيد الله ومحبّته وخلاصه.
وأضاف: «ليس الرجاء مجرّد تمنٍّ، أو نوعًا من الكسل الروحيّ أو الجسديّ، بل هو الثقة بحضور الله الدائم في حياتنا، وبخاصّةٍ في الأوقات الصعبة: "لنَتَمَسَّكْ بِإِقْرَارِ الرَّجَاءِ رَاسِخًا، لأَنَّ الَّذِي وَعَدَ هُوَ أَمِينٌ"».
فلنجتهد في زمن الصوم هذا، مُستعينين بالصلاة والتأمّل، لتطوير فضائل يهمّنا عيشها في حياتنا، ولا سيّما تلك التي نفتقدها بالأكثر، طالبين معونة روح الله، ليُباركها وينمّيها، فتكبر في داخلنا وتزهر في تعاملنا مع الآخرين، وتستمرّ معنا مدى الحياة.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته