الخميس 6 مارس، 2025 تبرّع
EWTN News

«رحلة نزار»… أميركيّ يروي مأساة مسيحيّي العراق وصمودهم

غلاف الرواية بريشة الفنّان قيس السندي/ مصدر الصورة: بول ماشا Paul Mascia

شكّلت مأساة النزوح القسريّ لمسيحيّي الموصل وقرى سهل نينوى وبلداته إثر احتلال تنظيم «داعش» الإرهابيّ، مصدرَ إلهام لأميركيٍّ متقاعد، فأسهَمَ عبر عملٍ إبداعيّ في تعريف العالم بهذه المأساة وتجديد تبشيره عبر روايةٍ تحكي شهادات إيمانٍ حيّة مستوحاةٍ من واقع معاناة أشخاصٍ حقيقيّين عاشوها وانتصروا عليها بقوّة إيمانهم.

أثارَ حرف النون (ن) الذي عَلّمَ به «داعش» بيوت المسيحيّين استفزازَ بول ماشا لمجرّد تفكيره في الأذى الذي يمكن أن يحلّ بهؤلاء الأبرياء بسبب كونهم مسيحيّين. وشدّد في حديثه لـ«آسي مينا» على رغبته في الإعراب عن تقديره وإعجابه بصمود مسيحيّي العراق إزاء كلّ ما تعرّضوا له من حروب مروِّعة واضطهادات متلاحقة، وصولًا إلى الأزمة التي شهدتها البلاد في العام 2014.

بول ماشا. مصدر الصورة: بول ماشا Paul Mascia

وقال: «أردتُ أن أعرّف العالم بمأساةٍ يعيشها مسيحيّون على أرض الواقع وليست من نسج الخيال، فقد لا ينتبه العالم الغربيّ إلى إراقة دماء المسيحيّين واضطهادهم حول العالم. وسعيتُ إلى تلمّس قلوبهم وأرواحهم، فنسجتُ روايتي بخيوط المفاهيم الإيمانيّة الكاثوليكيّة، ولا سيّما التسامح والحوار مع الآخر».

تحكي «رحلة نزار» مسيرة يافعٍ نزح قسرًا من كرمليس هاربًا من بطش «داعش»، وفي الطريق يكتشف دعوته في الحياة: «بثّ الأمل ومساعدة الآخرين مستعينًا بإيمانه».

رسوم تعبيريّة ضمن الرواية بريشة الفنّان قيس السندي. مصدر الصورة: بول ماشا Paul Mascia

أنموذج للحوار

من دون أن يُفسد الحبكة، قدّم ماشا أنموذجًا للحوار بين مسيحيّين مسالمين ومسلمين معتدلين. وبيَّنَ أنّ القرّاء لمسوا نجاحه في هذا الصدد، قائلًا: «أحد علماء المسلمين من معهد الحرّيات الدينيّة في واشنطن قد أعرب عن تقديره هذا البُعد في روايتي».

وشرح ماشا كيف أفعَم روايته بالرمزيّة الروحيّة لتخدم قصده بتجديد التبشير، موضحًا: «بَحثُ نزار عن أبيه يرمز إلى بحث البشريّة عن الله: الآب والفادي والمُحِبّ. وإصابتُه ترمز إلى عطب إنسانيّتنا بسبب الخطيئة. إذا تأمّلتُم الغلاف ستجدون طائر القبّرة، الحاضر في الأحداث، كرمزٍ لحضور الروح القدس».

رسوم تعبيريّة ضمن الرواية بريشة الفنّان قيس السندي. مصدر الصورة: بول ماشا Paul Mascia

وزاد: «وظّف الفنان العراقيّ قيس السندي هذه المعاني كلّها في لوحاتٍ تعبيريّة أضفَتْ على الرواية روحًا وجمالًا، وأدعوكم إلى التأمّل في لوحته (وتَعتَصِمُ تَحتَ أَجنِحَتِه. مز 91: 4) ومشهديّتها الرائعة المصوِّرة لمحبّة الله السخيّة ورعايته في أحلك الظروف».

دعوة للشبيبة

ودعا القرّاء من مختلف الأعمار إلى قراءة روايته القصيرة والتأمّل في تفاصيلها، قائلًا: «إنّها خبرة رائعة للشباب حول العالم كي يتعلّموا من مسيحيّي العراق وصمودهم إزاء ما واجههم من ظلمٍ وحرب وإرهاب، وكي يتمسّكوا بإيمانهم ويكونوا شهودًا له حتى لو اضطرّوا للاستشهاد، وكي يطلبوا شفاعة أمّنا مريم ويختبروا عظمة محبّتها ومعونتها، كما اختبرتُها في خلال عملي واختبَرَها مسيحيّو العراق إبّان رحلة تهجيرهم القسريّ».

رسوم تعبيريّة ضمن الرواية بريشة الفنّان قيس السندي ومنها لوحة (تحتَ ظلِّ جناحَيْك). مصدر الصورة: بول ماشا Paul Mascia

حاول ماشا أن يُصوّر في روايته أجواء واقعيّة. وإذ لم تتسنَّ له زيارة العراق، حاور مسيحيّين عراقيّين كثُرًا لاجئين في أميركا واطّلع على خبراتهم وتجاربهم، وقرأ كتبًا عدّة وشاهد وثائقيّاتٍ تُظهر الواقع المرير.

وشدّد ماشا على أهمّية ألّا ينسى المسيحيّون كافّةً إخوتهم المضطهَدِين حول العالم، مؤكّدًا: «نحن جسد المسيح الواحد، ومهما أبعدتنا المسافات، يبقى بإمكاننا أن نساندهم بصلواتنا ودعمنا المادّي والمعنوي، ورجاؤنا أن يحلّ السلام في العالم وتنتهي معاناة البشر جميعًا».

رسوم تعبيريّة ضمن الرواية بريشة الفنّان قيس السندي. مصدر الصورة: بول ماشا Paul Mascia

طبّق ماشا فكرته على أرض الواقع، وخصّص ريع روايته لمؤسّسة «عون الكنيسة المتألّمة»، لتكون خدمتُه مزيجًا من العمل الخيريّ ولتوجيه أنظار مسيحيّي العالم إلى معاناة مسيحيّي العراق، وهو يأمل في أن يكتب قريبًا نصوصًا أخرى تحكي عن العائدين الصامدين في أرض آبائهم وأجدادهم.

رغم تحرير المنطقة من الاحتلال الداعشيّ منذ العام 2017 وعودة مَن تبقّى من أهلها النازحين إليها، قال ماشا: «من المحزن أنّ كثيرًا من العائدين عانوا مضايقاتٍ من نوعٍ آخر دفعتهم إلى مغادرة العراق، ولا نعلم إن كانوا سيعودون».

اشترك في نشرتنا الإخبارية

في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.

اشترك الآن

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته